قائمة الموقع

نباتات فلسطينية يجرّم الاحتلال قطفها والمتاجرة بها

2022-01-11T11:47:00+02:00
غزة – مها شهوان

نباتات فلسطين تعبر عن هويتها وتاريخها لارتباطها بالتراث الشعبي، كالميرمية والزعتر والزيتون، فتربة البلاد الخصبة ميزت تلك النباتات عن مثيلاتها في مختلف أنحاء العالم، لكن، كالمعتاد، ليس سهلاً على الفلسطيني زراعتها تحت وطأة المحتل، الذي يفرض إجراءات عقابية على كل من يزرعها أو يحصدها.

وتتمثل الإجراءات العقابية التي تفرضها (إسرائيل) بإطلاق الأعيرة النارية الحية على المزارعين ومصادرة محصولهم ودوابهم، وفرض غرامات مالية باهظة بحجة حماية الطبيعة والمحافظة على النباتات البرية.

ومنذ عام 1948 يجرّم القانون الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، قطف العكوب والزعتر البري والميرمية ونباتات أخرى، ضمن ما يعرف بقانون "النبات المحمي" بحجّة أنّ قطفها يسبب أضراراً للطبيعة، وفُرضت بموجب ذلك على كل مَن يقطف أو يحوز أي كمية كانت من تلك النباتات، عقوبات وغرامات كبيرة.

وبعد قرار أصدرته (إسرائيل) عام 1977 فإنها تعد نبتة الزعتر محمية، كما تعد أي عملية قطف أو تخزين أو جمع وبيع لها مخالفة جنائية يقدم صاحبها للمحاكمة ويغرم مالياً.

كما فرضت الحكومة الإسرائيلية عام 2005 قانونا يقضي بأن "العكوب" من النباتات المحمية التي يمنع قطفها والتجارة بها، وقد يواجه المخالف المحاكمة أو دفع غرامة مالية، كما انضمت الميرمية إلى قائمة النباتات المحظورة.

يقول مراد اشتيوي مدير هيئة الجدار والاستيطان في شمال الضفة إن القوانين التي يفرضها الاحتلال على بعض النباتات المرتبطة بالتراث الفلسطيني، واهية وله مأرب أخرى من فرض تلك القوانين.

ويوضح اشتيوي "للرسالة" أن طرق التوسع الاستيطاني التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي هي إعلان بعض الأراضي محميات طبيعية لمنع وصول الفلسطيني إليها لأهداف كثيرة منها محاربة التراث الشعبي المتعلق بالنباتات كالعكوب والخبيزة والنباتات العطرية وغيرها من الأعشاب الطبية.

وأشار إلى أن الفلسطيني في الأغوار ينتظر المواسم لارتباط النباتات بها خاصة التي تتركز في محميات طبيعية كوادي قانا وسط محافظات قلقيلة وسلفيت، إضافة إلى مساحات وساعة في الأغوار.

وعن العقوبات، ذكر اشتيوي أنها تختلف حسب محاكم الاحتلال فهناك غرامات مالية حال ألقى القبض مباشرة على الفلسطيني وهو يقطف الثمار، عدا عن الضرب.

وفي الوقت ذاته، يرى أن حجة الاحتلال بمنع قطف تلك النباتات واهية إذ يسمح للمستوطنين الوصول لتلك المحميات وقطف ما يشاؤون، مؤكداً أنه بات من المتعارف أن  مجرد إعلان الاحتلال عن أي منطقة محمية طبيعية فهو يسعى للاستيلاء عليها.

****العكوب والزعتر

وفي مقال أعده الحقوقي ربيع إغبارية جاء فيه أنه على الرغم من مركزيّة الزعتر ومكانته في حياة الإنسان الفلسطينيّ، كما في تشكّل الهويّة الجمعيّة الفلسطينيّة، لم يحظ المنع القانونيّ الذي فُرض على قطفه في أراضي 48، منذ عام 1977، باهتمام وبحث كافيين حتّى الآن.

وتنقل "الرسالة" ما أورده إغبارية في مقاله بأن قضيّة الزعتر والعكّوب، كما تتجلّى في القانون الإسرائيليّ وقرارات المحاكم الإسرائيليّة، تكاد في جوهرها تجسّد مأساة النكبة: فقدان أصحاب الأرض أرضهم، وإخضاع أبسط عاداتهم لسيطرة المستعمِر وقانونه.

وذكر أن استخدام الطعام والطبيعة أدوات للسيطرة على الإنسان الفلسطينيّ، حيث يشكل المنع القانونيّ المفروض على قطفهما محورًا إضافيًّا يحاول من خلاله الاستعمار تفكيك علاقة الفلسطينيّ بأرضه وهويّته من جهة، وإعطاء السلطة على الأرض ومواردها للإسرائيليّ من جهة ثانية.

ويحذر إغبارية، من أن محاولات الاحتلال لم تنته بعد للسيطرة على موائد الفلسطينيّين وثقافة قطف نباتهم بفرض 'منع الزعتر'، ففي عام 2005 ، حين كان أريئيل شارون يشغل منصب رئيس الوزراء ووزير الزراعة في آن، أجرى تعديلًا آخر في لائحة  'النبات المحميّ'، لتشمل نبتة العكّوب أيضًا، وهي نبتة موسميّة شائكة، تنتشر في مناطق البطّوف، والنقب، ونابلس تحديدًا، وتنظّف من الأشواك، وتعدّ منها أكلات فلسطينيّة شهيرة وشعبيّة.

وأكد أن إدراج الزعتر والعكّوب ضمن لائحة 'النبات المحميّ' لم تكن خطوة تصريحيّة من السلطات الإسرائيليّة فحسب، إنّما وسيلة قانونيّة لمخالفة الفلسطينيّين الذين يقطفون أيّ كمّيّة كانت من الزعتر أو العكّوب الممنوعين.

وفي بحثٍ قانوني أعده إغباريه، يظهر من خلال محرّكات البحث عن قرارات المحاكم الإسرائيليّة، أنّه بين العامين 2004 و2016، بتّت المحاكم في 61 قضيّة تتداول العكّوب والزعتر، منها 40 قضيّة تتداول قطف أو حيازة الزعتر، و21 قضيّة تتداول قطف أو حيازة العكوب بالإضافة إلى ذلك، شمل البحث حالتين قُدّمت فيهما لوائح اتّهام على خلفيّة قطف نبتة الميرميّة، اللافت أنّه في هذه الحالات جميعها، كان المتّهمون والمتّهمات فلسطينيّين.

ويقول إنه على الرغم من أنّ لائحة 'النبات المحميّ' تحوي عشرات أصناف النبات، وعلى الرغم من استطلاعات تشير إلى أنّ الإسرائيليّين يقطفون أزهارًا برّيّة مثل شقائق النعمان، والبرقوق، وزهرة الربيع، لم تظهر محرّكات البحث أيّ حالة أخرى لتقديم لائحة اتّهام، عدا عن قطف الزعتر، أو العكّوب، أو الميرميّة.

ومن الجدير ذكره في هذا السياق، أنّ حالات القطف لا تؤدّي جميعًا إلى تقديم لوائح اتّهام في المحاكم، فغالبيّة حالات قطف العكّوب أو الزعتر تنتهي بمخالفة القاطف بغرامة ماليّة، دون تقديم لائحة اتّهام.

اخبار ذات صلة