يعيش أهلنا في الداخل المحتل عام ١٩٤٨م وتحديداً في "النقب" حالة ثورية، ومواجهة نضالية ضد الاحتلال الصهيوني الذي يعتدي على القرى، ويعمل على تهجير أهلها قسرياً، هذه القرى التي يزعم الاحتلال أنها غير شرعية، ولا يعترف بوجودها، يقف أهلها بكل عزيمة وثبات يواجهون بصدورهم العارية جرافات الاحتلال التي جاءت؛ لتجريف أراضيهم، وتهجيرهم منها.
مواجهات عنيفة اندلعت في النقب بالداخل المحتل بين الأهالي وقوات الاحتلال، إذ أشعل المحتجّون الإطارات المطاطية، وأغلقوا الطرق الرئيسة، على خلفية اعتداءات الاحتلال المتواصلة.
عشرات الشباب وحتى الأطفال أُصيبوا في هذه المواجهات، ومئات المعتقلين، ومنهم صحفيون، لمنعهم من نقل الأحداث، والإجرام الذي يرتكبه الاحتلال، هذه الانتهاكات دفعت لجنة التوجيه العليا لفلسطينيي النقب إلى تصعيد نضالها ضد هجمات الاحتلال، وإعلان الإضراب الشامل في جميع قرى النقب .
يراهن الاحتلال على تدجين أهلنا في الداخل المحتل، ومحاولة دمجهم في المجتمع الصهيوني، ويعمل بكل الوسائل على تقطيع أواصر الشعب الفلسطيني، فعزل أهل الداخل عن أهل الصفة وعزل أهل غزة عنهم، وعزل الجميع عن فلسطينيي الشتات، إلا أن هذا الرهان أثبت فشله مرات عديدة، وليس أدلّ على ذلك من انتفاضة الداخل المحتل أثناء العدوان الأخير على غزة.
ينظر أهلنا في الداخل لممارسات الاحتلال ضد قرى النقب على أنها شكل من أشكال التمييز العنصري، الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد العرب هناك، هذه الاعتداءات ليست الأولى، بل مارست دولة الاحتلال حرباً بوليسية ضد أهلنا في الداخل المحتل انتقاماً من المشاركين في مسيرات الدعم والإسناد لأهل القدس وأهل غزة في الحرب الأخيرة.
مشروع "تحريش أراضي النقب" الذي يسعى الاحتلال لتطبيقه هو اعتداء صهيوني استيطاني مُغلّف بذرائع واهية، وبطريقة ملتوية، حيث سيبدأ المشروع بتجريف أراضي الفلسطينيين في النقب، ثم زراعتها بالأحراش؛ لكي يستولي عليها الاحتلال بعد ذلك بصيغة قانونية عبر الزعم بأن هذه الأراضي هي مناطق خضراء تعود للدولة، ويُمنع الاقتراب منها أو السكن فيها.
وزيادة في الاستفزاز والاستعلاء، قدِمَ المتطرّف الصهيوني وعضو الكنيست "إيتمار بن غفير" إلى قرية الأطرش في النقب وقام بممارسات استفزازية، حيث ساعد قوات الجيش في تجريف الأراضي، وزراعة أشجار في أراضي المواطنين قسراً، الأمر الذي أثار الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي في أوساط الفلسطينيين
كل هذه الممارسات والاعتداءات، ومحاولات التهجير، وسرقة الأراضي، والتمييز العنصري، حيث لا يستطيع المواطنين في بعض القرى أن يبني بيتاً أو يعيد ترميمه، بحجة أنها غير شرعية، حيث يشعر المواطن العربي أنه مواطن من درجة متأخرة في هذه الدولة العنصرية التي تمارس العنصرية على أساس اللون، والعِرق، والدين، هذه الممارسات من شأنها أن تشعل انتفاضة في الداخل ضد ممارسات الاحتلال الاستفزازية والعنصرية.
وقد بدأت رقعة هذه الاحتجاجات تتوسع، حيث قام شبان فلسطينيون برشق مركز شرطة تل السبع بالحجارة، على خلفية الاعتداءات على قرية الأطرش.
خلاصة ذلك: لن تفلح ممارسات الاحتلال وخطواته في تدجين أهلنا في الداخل، بل إن هذه الممارسات والاستفزازات العنصرية ستشعل الداخل المحتل في وجه دولة التمييز العنصري، وصبر أهلنا في الداخل ينفذ، بل إنّ شرارة هذه الانتفاضة قد بدأت فعلاً، فالفلسطينيون في الداخل يشعرون بكل ألوان التهميش والتمييز، وسلب الحقوق.