قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: اجتماع مركزي المنظمة.. المطلوب قيادة بالمقاس

سامي الشاعر
سامي الشاعر

سامي الشاعر

استبشر شعبنا الفلسطيني خيرا و تنفس الصعداء بعد مشاهد تترا عبر وسائل الإعلام المختلفة لاجتماع موحد للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية جمعاء دون استثناء وكان متزامنا بين رام الله و بيروت وتم التأكيد في كلمات القادة المجتمعين على ضرورة توحيد الجهد السياسي و الوطني و الاتفاق على اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير و المضي لإجراء انتخابات عامة، ومن ثمار الاجتماع تم عقد مشاورات بين القوى الوطنية و حماس وفتح في القاهرة بحضور الراعي المصري وتم إعلان ميثاق شرف بإفساح المجال أمام الحريات العامة و اطلاق سراح المعتقلين على خلفية سياسية، و اصدر رئيس السلطة محمود عباس مرسوما رئاسيا يقضي بإجراء الانتخابات العامة رئاسية و تشريعية و مجلس وطني متتابعة تبدأ من ٢١ أيار عام 2020 وتنتهي في أغسطس من العام نفسه، وسرعان ما تعرض شعبنا لصدمة وطنية جديدة بأن أرجأ عباس الانتخابات بذرائع واهية، ثم أعقبت ذلك سلسلة من التظاهرات الشعبية الرافضة لقرار التأجيل، و دخول شعبنا في معركة الدفاع عن المسجد الأقصى و حماية أهالي الشيخ جراح ومنازلهم من السطو عليها من المستوطنين الغلاة، وسط غياب واضح وعلني للسلطة و رئاستها، تعود السلطة وفتح- عباس اليوم للواجهة للحديث عن تجديد شرعيات تتعلق بمنظمة التحرير مستغلة سيطرتها عليها عبر تبوئها منصب الرئاسة للجنتها التنفيذية و الأكثر تمثيلا في مجلسها المركزي بحكم سيطرتها التاريخية عليها دون اعتبارات لانتهاء صلاحية مجلسها و لجانها وفقا للقوانين المنظمة لعملية تجديد شرعية المنظمة، وتتمسك فتح و فريق عباس بالهيمنة على منظمة التحرير بالتهرب من استحقاق إعادة تأهيلها أو التعاطي مع دعوات إعادة بناء هياكلها المهترئة من جديد و ضخ دماء جديدة بعد أن غيب الموت عددا من أعضاء اللجنة التنفيذية، ولا مع صوت الوطن والعقل و النداءات التي وجهت لقيادة المنظمة اليوم بضرورة تمثيلها للكل الفلسطيني بما فيها الحركة ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة والحضور الشعبي المقاوم حركة حماس و حركة الجهاد الإسلامي ذات التأثير المهم في الشارع الفلسطيني ومقاومته. ومع كل ذلك يصر فريق عباس بالتهرب من جميع تلك الاستحقاقات فضلا عن تضييقها على فصائل فلسطينية لها ثقلها التاريخي في بناء المنظمة وأهمها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومحاولات تهميشها وعدم الاستماع لصوت الحكمة التي تبديه الحركة الوطنية، في حين اتخذت السلطة المؤثر الفعلي على مؤسسة المنظمة التي يفترض أن تمثل الكل الفلسطيني اتخذت السلطة برنامجا سياسيا أكثر استجابة وتقبلا للمطالبات الصهيونية، فالسلطة في حقيقتها قائمة على اتفاق أوسلو الذي بني على أساسه جملة من الاتفاقات الأمنية بين السلطة و الاحتلال جعل أجهزتها الأمنية تظهر أمام الشعب الفلسطيني وكأنها جزء من منظومة الاحتلال الأمنية، ولم تختلف في مهامها منذ مجيئها وحتى يومنا هذا ومحور برنامج السلطة قائم على :

الاعتراف بما تمسى ب ( إسرائيل) و نبذ ما يسمى في الاتفاقات بين الطرفين بالعنف وهو تجريم المقاومة وكل ما يتصل بها.

العمل على حماية وضمان أمن المستوطنات الصهيونية و الحدود الشكلية مع الكيان ومنع أي محاولة لزعزعة الأمن.

الاستمرار في برنامج التعاون ( التنسيق) الأمني ومنع تأثيرات الفواعل الخارجية والأحداث على هذا النوع من التعاون، ويدخل في هذا الإطار التعاون في معلومات الأشخاص الذين يعملون في المقاومة او لهم صلة بالأمر.

بعد فوز حركة حماس في الانتخابات البرلمانية عام ٢٠٠٦ و بعد أحداث عام ٢٠٠٧ الأمنية الداخلية، نحت السلطة منحنا إجرائيا خطيرا ضد قطاع غزة و أظهرت حالة عداء غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني الحديث و المعاصر واتبعت سياسة هجومية تمثلت في :

قطع رواتب جميع موظفي السلطة ( القطاع العام) ممن استمر في عمله تحت قيادة الحكومة العاشرة حكومة الوحدة التي أقالها رئيس السلطة محمود عباس، وعدم الاعتراف بالموظفين بعد تاريخ الإقالة، ووقف الموازنات التشغيلية، والتضييق على حركة المعابر، وإغلاق المنافذ السياسية في الخارج عن وزراء الحكومة بغزة و أعضاء التشريعي، فضلا عن إظهار الفرحة بالعدوان على غزة ومشاهد قتل المواطنين عبر الطائرات الحربية الصهيونية عام ٢٠٠٩م.

زادت حدت التوجهات السياسية والسلوك الإداري للسلطة عام ٢٠١٧م، حيث فرضت إجراءات عقابية على غزة وسكانها بالكامل في محاولة للقضاء على المقاومة التي أظهرت استبسالا ودفاعا عن شعبها في العدوانات الصهيونية المختلفة وطورت من سلاحها، وشكلت رقما صعبا في الحلبة السياسية على الساحات محليا واقليميا و دوليا. و تم قطع الرواتب بشكل غير مسبوق حتى هلى موظفي السلطة المؤيدين لعباس، ووصف صحفي صهيوني ذلك بالكره المجنون الذي بلغ حدا يؤذي نفسه.

أظهرت السلطة قيادة جديدة تتبنى مدرسة محمود عباس السياسية وكشفت من خلال سلوكها السياسي والإداري ملامح النهج القادم لها وتمثلت في :

رفض فكرة التعايش مع المقاومة بأي صورة كانت و أنها لا تقبل غير الانصياع لها ولبرنامج محمود عباس المؤمن بالتنسيق الأمني، ونبذ المقاومة و الاعتراف بالاحتلال بأن له حق في العيش و تأسيس دولة على أرض فلسطين حتى ولو أكد التاريخ عدم أحقيته بذلك.

قمع كل صوت معارض لها حتى لو أسفر عن موته وهو تماما ما جرى للناشط السياسي المعارض نزار بنات و التي شكلت جريمة قتله فاصلا مهما بين الشعب و السلطة وبرنامجها..

قطع رواتب الأسرى و الأسرى المحررين و عدم الاعتراف بحقوق شهداء ٢٠١٤ و ما تلاه.

ملاحقة رايات الفصائل خلال مواكب استقبال الأسرى واستدعاء الأسرى المحررين و التحقيق معهم أو تحذيرهم من الاقدام على عمل يؤيد المقاومة.

ملاحقة المقاومين في جنين و برقة بنابلس و أبطال المقاومة الشعبية في بيتا.

الاصرار في تهميش الأصوات الوطنية الداعية لإجراء الانتخابات العامة او إصلاح منظمة التحرير.

المضي قدما في توثيق العلاقة مع الاحتلال من خلال برنامج سياسي قائم على قبول فكرة التعايش و التعاون حتى في حال رفض الاحتلال ذلك فإن المحاولات لن تنضب، وتصريحات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت لا تؤثر على توجه السلطة بتبني حلا سلميا على حد تعبير قيادات السلطة.

ملامح سياسة السلطة تلك تشبه إلى حد كبير ما دعا إليه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مشروعه الشهير ب ( صفقة القرن). الفكرة المهمة في صفقة القرن التعايش و الخطير فيها التبادل وقبول إسقاط حق اللاجئين في العودة ومصير القدس الذي حسم لصالح الاحتلال.

نفتالي بينيت هو الآخر حدد سياسته تجاه السلطة في الضفة المحتلة في أكثر من مرة عبر سلسة تصريحات له لوسائل إعلام صهيونية في الكيان أنه لن يقدم سوى الحل الاقتصادي مقابل الأمن الذي يريده، وهو ما يتفق مع السياسة العملية للشخصيتين الأكثر حضورا في السلطة رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج و وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ و الرجلان تردد اسمهما في الأسبوع الأخير لزيارتهما المنفصلة لوزير خارجية الاحتلال يائير لابيد.

اليوم تأتي دعوة عباس وفريقه في السلطة لاجتماع المجلس المركزي بعد أن أعلنت مركزية فتح مرشحيها لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد و حسين الشيخ عضوين جديدين و روحي فتح مرشحها لرئاسة المجلس الوطني وتجديد الثقة لعباس رئيسا للجنة التنفيذية، وهي رسائل متعددة والاتجاهات:

لا برنامج سياسي فلسطيني غير برنامج محمود عباس و أن حضور فتح السياسي في مؤسسات الشعب الرسمية هي جسر عبور لتمرير برنامج التنسيق الأمني وتعاظمه.

محاولة فتح – عباس استباق أي محاولة تفرض عليهم لإصلاح المنظمة وبالتالي القبول بسياسة الأمر الواقع.

عقد مركزي المنظمة و اجراء التصويت على المرشحين ستبدو الصورة ديمقراطية للعالم الداعم للسلطة ومحمود عباس بينما في الحقيقة هي تغييب ل ٨٠% من الشارع الفلسطيني الذي منح ثقته بمقاومته و فصائله الوطنية.

مع إصرار عباس وفريقه الضرب بعرض الحائط لدعوات الإصلاح و المصالحة و إعادة بناء منظمة التحرير فإن شعبنا له الحق أن يستعيد مؤسساته الرسمية له و أن يحرر سلطته من الهيمنة الصهيونية على قراراتها و أن يفرض برنامجه الذي يثق به المتمثل في مقاومته التي أثبتت أنها أقدر على استرداد حقوقه و تحقيق حلمه بالتحرير.

البث المباشر