يهدد انقطاع العلاج لمرض الثلاسيميا بغزة العشرات من المرضى، بسبب تفاقم وضعهم الصحي لعدم حصولهم على الجرعات الكافية من الدواء منذ أكثر من شهرين.
ووفق المصابين، فإن هذا الانقطاع ليس الأول، ولكن يعاني المرضى منذ سنوات من تذبذب الدواء الذي يعد صمام أمان لهم ويبعدهم عن دائرة الخطر.
وتشير الإحصائيات إلى وجود 310 مصاباً بمرض الثلاسيميا في القطاع، توفي ثلاثة منهم جراء فقدان الدواء اللازم منذ بداية العام الحالي.
ومرض الثيلاسيميا اضطراب وراثي في خلايا الدم بسبب انخفاض مستوى الهيموجلوبين وعدد كريات الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي، الأمر الذي يتطلب نقل دم للمريض على الدوام مما يزيد من نسبة الحديد في جسم المريض التي تؤثر بدورها على الوظائف الحيوية مثل وظائف الكلى والقلب والكبد.
ويُصاب الأشخاص بمرض الثلاسيميا بسبب طفرة جينية في الحمض النووي للخلايا المكونة للهيموغلوبين، وتنتقل هذه الطفرة وراثيّاً من الآباء إلى الأبناء، ويؤدي إلى ظهور أعراض فقر الدم.
وللتغلب على زيادة نسب الحديد في الدم، يُصرف للمرضى علاج "الديسفيرال" الذي يعد بمثابة المخلص من نسب الحديد الزائدة الناتجة عن تكرار نقل الدم لجسم المريض.
وتصنف وزارة الصحة مرضى الثلاسيميا ضمن الشرائح الهشة الذين يحتاجون العلاج الدائم؛ لذا ناشد منسق جمعية أصدقاء مرضى الثيلاسيميا وأحد المصابين إبراهيم عبد الله وزارة الصحة الفلسطينية خاصة، والمؤسسات الدولية والمحلية العاملة في مجال الصحة، الوقوف بجدية لتوفير العلاج الدائم والمستمر وبكمية تكفى 310 مرضى في قطاع غزة.
وأوضح عبد الله أن السبب في وفاة المرضى ليس الانقطاع الأخير، وإنما تذبذب العلاج وانقطاعه من فترة إلى أخرى وعدم صرفه بالكميات المطلوبة، وقال: "أنا مريض الثيلاسيميا أحتاج شهرياً 15 كرتونة من علاج الديسفيرال لكن للأسف لا أحصل إلا على كرتونتين فقط".
وفي السياق ذاته، يؤكد محمد مهرة ابن عم مريض الثلاسيميا رمضان مهرة، المتوفَّى منذ شهر تقريباً أن ابن عمه لم يحصل على العلاج إطلاقاً لمدة خمسة شهور متواصلة قبل وفاته، ورغم المحاولات الكثيرة لتوفير الدواء لم يستطع الحصول عليه إلا قبل وفاته بأيام بعد اعتلاله بالكامل وفقدان السيطرة على جميع الوظائف الحيوية في جسمه، إذ وصل مخزون الحديد لديه ما يقارب 10000 في حين أن نسب الحديد الطبيعية يجب أن تتراوح ما بين 100 و150 فقط.
ويؤكد مدير دائرة الصيدلة في مستشفيات وزارة الصحة بفطاع غزة الدكتور علاء حلس أن الشركة الموردة لعلاج الديسفيرال لم تلتزم بتوريد الكمية المطلوبة منها بسبب إشكاليات توريد، موضحاً أنهم تلقوا وعوداً من الشركة بتوريد العلاج خلال شهر فبراير الجاري.
ويبين حلس أن وزارة الصحة تعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية في توفير الأدوية اللازمة، إذ توفر رام الله ما نسبته 15% إلى 20%، وتقدم المؤسسات الأهلية والداعمة ما نسبته 40% من الأدوية، فيما توفر وزارة الصحة بغزة من 15% إلى 20% "عبر الشراء المباشر، وتواجه عجزاً دائماً بنسبة 20% في الأدوية والمستلزمات الطبية.
وذكر حلس أن وزارته اتخذت قراراً بعد اجتماع مع استشاريي مرض الثيلاسيميا بتحويل جميع المرضى إلى علاج (ايكسجيد) المتوفر في وزارة الصحة كبديل ريثما يتوفر علاج الديسفيرال.
ولفت إلى أن علاج الايكسجيد يتميز بسهولة تناوله فهو مجرد أقراص تذاب بالماء وتؤخذ عن طريق الفم على عكس الديسفيرال الذي يؤخذ عن طريق مضخات توضع تحت جلد المريض من 8 الى 12 ساعة يشعر خلالها بالكثير من الألم، إلا أن غالبية المرضى يفضلون التعامل مع الديسفيرال كما ذكر إبراهيم عبد الله.
في المقابل، فإن دكتور الدم صلاح أبو شنب أكد "للرسالة" عدم إمكانية اعتماد "الايكسجيد" بديلاً لجميع مرضى الثيلاسيميا فهو لا يناسب جميع الحالات لما له من آثار سلبية على وظائف الكلى لديهم.
وبين أن نصف المرضى لا يتعاملون مع "الايكسجيد" وينتظرون توفر الديسفيرال لأنه العلاج الوحيد الذي يتناسب مع جميع الحالات ويطالبون بتوفيره بالكميات اللازمة في أسرع وقت.