ليس جديدا على محمود عباس استدعاء منظمة التحرير الفلسطينية لخدمة مشروعه الخاص، بل إن هذه المسألة أصبحت بحكم التكرار "كلاشيه" بلغة الصحافة، غير أن الاستدعاء هذه المرة استراتيجي.
سربت جماعة عباس في حركة فتح قرارات المجلس المركزي قبل انعقاده بأيام، وهي "للصدفة" ذات القرارات التي صدرت في نهاية الجلسة، وعلى أهمية كل القرارات، إلا أن أخطرها تعيين حسين الشيخ أمينا لسر اللجنة التنفيذية.
لن نتحدث عن العوار القانوني، فمحمود عباس نفسه غير قانوني، وكل مؤسسات المنظمة وكل القرارات والسياق العام الذي تنتهجه السلطة، بينها وبين القانون "ثأر" كما يقول الفلسطينيون، لكننا بحاجة لبحث هذا القرار من زاوية "الكرامة الوطنية".
دعونا نلقي نظرة على اللجان الفاعلة لمنظمة التحرير، لن نتفاجأ إذا علمنا أن اللجنة الوحيدة الفاعلة هي "لجنة العلاقات مع المجتمع الإسرائيلي" بقيادة محمد المدني، الذي صار "بالصدفة" رئيس وفد فتح للحوار مع الفصائل في الجزائر!
واليوم يتحول مسؤول الارتباط "حسين الشيخ"، الذي أصبح من أثرياء الضفة المحتلة "فجأة"، إلى الشخصية الأولى في منظمة التحرير! وهي إشارة واضحة إلى الشرط الذي ترتقي بسببه الشخصيات داخل إطار السلطة والمنظمة، وهو "العلاقة الوثيقة بجيش الاحتلال"، أو أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
أمام هذه الحقيقة، يقف الشعب الفلسطيني في حالة عجز، وأقصد هنا العجز عن اتخاذ القرار في كيفية التعامل مع أجهزة السلطة، وعجز عن التصدي لتحويل منظمة "التحرير" إلى كيان إسرائيلي بوجوه فلسطينية.
وبسبب هذا العجز، يزداد الوضع سوءا يوما بعد يوم، على كافة الصعد، فبالأمس كانت محكمة الشهيد أدهم مبروكة، محكمة عقدتها السلطة له بسبب نشاطه المقاوم، لم يمثل أمامها لأنه بين يدي الله، وهي طبعا ليست الحادثة الأولى، فمن أشهر من تعرض لذلك الشهيد باسل الأعرج، وهناك حملة في كل بؤرة للمقاوم تستهدف فيها السلطة وجوه المقاومة الشعبية كما تستهدف المقاومة العسكرية، فلم تنج من ذلك بيتا ولا برقين ولا الخليل، بل إن السلطة تفتعل الصراعات الداخلية، في الخليل، بشكل مفضوح.
تعيين الشيخ، وغيره بهذه الطريقة، لا يمكن أن نرفضه بالكلام، ولا البيانات، بل يجب التعامل معه على أنه هدم فتحاوي للمعبد، وتحطيم لما كانت تزعم جماعة عباس أنه شرعية للمنظمة؛ فأعلى منصبين "رئيس الوطني، وأمين سر التنفيذية" المعينين بطريقة غير شرعية يجب أن يتحولا إلى وبال كبير، وسقطة سياسية يجب أن يكثر جزاروها.