بينما وقف جنود الاحتلال على قارعة الطريق التي تهبط إلى بلدة السيلة الحارثية إحدى البلدات التابعة لمحافظة جنين، وقف شباب البلدة بأجسادهم كدرع طويل يهتفون في جوف الليل: "الجهاد غايتنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".
بهذه الصورة، بدأ اشتعال المشهد في البلدة، قبل ساعة من منتصف الليل، حيث وصلت قوة عسكرية لبلدة السيلة الحارثية وتوجهت نحو بيت غيث أحمد جرادات، الذي يدعي الاحتلال أنه منفذ عملية حومش، التي جرت في منتصف ديسمبر من العام الماضي وأسفرت عن مقتل مستوطن إسرائيلي.
الصحف العبرية بدأت تتحدث الليلة الماضية عن مواجهات حامية بين شبان اشتبكوا مع القوات العسكرية المقتحمة، بينما بدأت الجرافات فعلاً بهدم منزل العائلة، رغم عدم ثبوت الاتهام ولا محاكمة الأسير جرادات.
القرارُ الإسرائيليُ بهدم بيت منفذ العملية دُجج بستينَ مركبةٍ وصلت إلى المكان، وأغلقت كل مداخل البلدة؛ فثار الشباب الغاضب، على المدرعات التي خربت ما استطاعت قبل وصولها إلى المنزل وسط هتافات ومقاومة المواطنين.
حُرقت بالأمس ثلاث سيارات في المواجهات، ووقع عدد من المصابين، وترددت أخبار عن شهيد لم يتجاوز السابعة عشرة في العملية الوحشية التي استمرت لساعات ما قبل الفجر، وتمركز القناصة فوق البيوت العالية، ما أدى لامتداد العملية، من هدم بيت جرادات إلى ملاحقة الشبان المتصدين للهجوم.
انتهت العملية في الخامسة فجراً، وأُعلن عن استشهاد الشاب محمد أبو صلاح ( 17) وهدم منزل جردات الذي فجره الاحتلال بصورة كاملة، وبقي الركام مكوماً في حيٍ تغيرت ملامحه فجأة بين صرخات الحاج محمود جرادات التي تصدرتها طفلته ميار وهي تهتف بصوت طفولي يكبر تلقائياً بعد عملية هدم "هذه أرضنا وأنت محتل، لن تضل في أرضنا، هذه أرضنا، أرضنا، أرضنا، وراح نحررها يوم".
بينما فرضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية على وسائل التواصل منع تسريب أي أخبار تتحدث عن إصابات بين الجنود.
الصحفي علاء الريماوي قال: "هذه العملية المتدحرجة التي بدأت قبل أيام باغتيال ثلاثة شبان من نابلس مستمرة، ويدعي الاحتلال أن هناك مطاردين في نابلس وجنين، ويرى من خلال بيان له أن هناك خلية معقدة يلاحقها، وقد بدأ بهدم منازل في السيلة الحارثية، بينما تداول مستوطنون، عبر صفحاتهم على شبكات التواصل، أخباراً عن إصابات بين جنود الاحتلال، وكذلك مواقع إعلامية عبرية ذكرت ذلك.
مجموعة تطلق على نفسها "كتيبة جنين - حزام النار" التي شكلها مقاومون من "سرايا القدس" التابعة للجهاد الإسلامي، وكتائب "شهداء الأقصى" التابعة لحركة فتح، أعلنت أنها استهدفت عناصر الاحتلال بـ"زخات كبيرة من الرصاص"، بالإضافة إلى "استهداف أحد جنود القناصة المتواجدين على أسطح المنازل".
كما أعلنت مجموعة أخرى أطلقت على نفسها "كتيبة جنين" أنها استطاعت تفجير عبوة بإحدى آليات الاحتلال وإلحاق أضرار فيها"، وقد ألمحت تقارير إسرائيلية إعلامية أن عناصر الاحتلال تعرضوا لإطلاق كثيف و"غير مسبوق" للنار إثر اقتحام السيلة الحارثية.