عواصم – وكالات
اعتبر محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «الغارديان» البريطانية إيان بلاك أن الحكومات العربية فرضت حظراً على الصحف الغربية والمواقع الإلكترونية الإخبارية في دول الشرق الأوسط في محاولة منها لمنع الرأي العام من الإطلاع على أي معلومات «مضرّة» قد ينشرها موقع «ويكيليكس»، بالنظر إلى الشهية المفرطة في الإطلاع على أسرار الولايات المتحدة في المنطقة.
وأشار بلاك إلى أنّ «ويكيليكس» قد فتح آفاقاً جديدة لتعزيز حرية الحصول على المعلومات من خلال تسريب البرقيات الدبلوماسية الاميركية، لكن الحكومات العربية لجأت الى حيلها القديمة للتأكد من أنه لا يتمّ نشر أي شيء يضرّ بها.
وأوضح أن كلاً من تونس والسعودية والمغرب أوقفت تدفّق تسريبات «ويكيليكس»، سواء تلك المتعلقة بالفساد والتسلّط أو في أبسط الأحوال لمجرد الإحراج من أن يعلن على الملأ عن المحادثات الخاصّة بين دبلوماسييها ونظرائهم الأميركيين.
وبالنسبة الى الصحف الغربية، لفت بلاك الى أن تقارير حول المصالح التجارية لملك المغرب محمد السادس ومحسوبيات الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي لا يتمتّع بشعبية واسعة - وكلا البلدين قليلاً ما يجذبان الاهتمام البريطاني - قد ولّدت زحمة على موقع صحيفة «الغارديان»، فيما وجدت صحيفة «لوموند»، التي يهتمّ قرّاؤها الفرنكوفونيون أكثر بالمغرب العربي, أن نسختها المطبوعة ممنوعة في المغرب. كما منعت صحيفة «إل بايس» الإسبانية، وهي واحدة من خمس وســائل إعلام شريكة مع «ويكيليكس» في نشره للبرقيات الأميــركية. وكذلك الأمر في ما يتعلّق بصحيفة «القدس العربي»، مقرّها لندن، وكانت تتابع قصص «ويكيليكس» العربية منذ البداية.
أما بالنسبة للمواقع الإخبارية، فكشف بلاك عن تعرّض موقع «إيلاف» الإلكتروني، الذي تديره السعودية، للاختراق بشكل غامض بعدما نشر خبراً عن مطالبات الملك عبدالله المثيرة لأميركا بمهاجمة إيران لتدمير برنامجها النــووي. بدورها تعرّضت صحيفة «الأخبار» اللبنانية «لهجوم إلكتروني، حيث حلت غرفة دردشة متلألئة تابعة لفتاة سعودية مكان موقعها الالكتروني.
وأشار بلاك الى أن الرقابة هي الملاذ الأخير في البلدان العربية حيث تسيطر الدولة على وسائل الإعلام. كما تمارس تلك الوســائل المملــوكة من القطاع الخاص رقابة ذاتية للبقاء ضمن خطــوط حمراء واضحة المعالم.
وكذلك هي الحال في مصر، فعلى سبيل المثال، كانت هناك تغطية خجولة لوثائق «ويكيليكس» المتعلقة بخلافة الرئيس حسني مبارك، ودور الجيش، وعداء حسني مبارك لحركة حماس.
وفي سوريا، حيث تسيطر الدولة على الصحف، وتعود ملكية الصحيفة الخاصّة الوحيدة لرجل ثري مقرّب من النظام، أصرّ مسؤول على عدم وجود أي شيء مربك في «ويكيليكس» لأن «ما نقوله خلف الأبواب المغلقة هو ذاته ما نصرّح به في العلن». هذا صحيح بما فيه الكفاية حين يتعلّق الأمر بالعداء الشديد لأي نقد للشؤون الداخلية السورية ودعمها للمقــاومة في لبنان وفلسطين.
وإذا كــان الأردن الموالــي للغرب قد نجا من حرج خطير، فإن الحكــومة اليمنــية واجهت أسئــلة محرجة في البرلمان تتعلّق بقــبولها الكذب بخصوص الضربات الجوية الأميركيــة ضدّ تنظيم «القاعدة»، فضلاً عن القلق من أن ولع الرئيــس علي عبدالله صالح بالويسكي يمكن أن يوفر الذخيرة لمنتقديه الإسلاميين.
بشكل عام، كانت ردود الفعل العربية تجاه فيضان «ويكيليكس» خليطاً من الرفض والإفتتان. وتساءل البعض: لماذا لم يكن هناك سوى القليل من الوقائع المسرّبة التي تلحق الأذى بإسرائيل، وهي تساؤلات تظهر على الأقل وجود نظريــة مؤامرة وتواطؤ بين جوليان أسانج مؤسس الموقع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنــياهو، فيما شعر آخرون بالاشمئزاز، إن لم يكن بالمفاجــأة، حيال الأدلة التي تظهر أحاديث مزدوجة للزعماء العرب التي نقلتها الوثائق.
وبالنظر الى تلاشي تأثيرات «ويكيليكس» في الشرق الأوسط، يمكن الحديث عن خلاصتين صادمتين: الأولى، هي الحجم الهائل للجهود الأميركية لاحتواء إيران وأصدقائها. والثانية، هي العلاقة الحميمة الكبيرة بين أميركا وإسرائيلششش