جذبها صوت التكبيرات والتسبيح في المسجد الأقصى من خلف سماعتها الطبية، فآثرت "منور برقان" – 11 عاما- أن تحضر إحياء ليلة الإسراء والمعراج برفقة أقرانها وعائلتها بعد أن أصرت على والديها، فهي لأول مرة تمارس هذه الطقوس الدينية.
تدرك الفتاة برقان جيدًا، رغم أنها صماء، أين تعيش وما هي مكانة مدينتها المقدسة، فمشاهد صلاة الجمعة والتراويح محببة لديها رغم مشاهدتها عبر التلفاز للاشتباكات التي تحدث بين جنود الاحتلال والشبان المقدسيين، كما ترى دماء أبناء مدينتها تسيل وهم يدافعون عن أرضهم.
مكثت الفتاة حوالي خمس ساعات داخل المسجد الأقصى تستمتع بالمديح النبوي والابتهالات والتكبيرات، وحين استفز جنود الاحتلال الشبان المقدسيين قرب باب العامود، هرعت كغيرها ممن تواجد بالمكان لرؤية ماذا يجري في الخارج.
وبمجرد أن وصلت الطفلة المدرجات انقض الجنود عليها بالضرب والسحل وبقيت تدافع عن نفسها وتحاول دفع الجنود عنها.
وبعدما أشبعوها ضرباً وهم يرون السماعات الطبية التي تضعها على أذنيها، راح أحد الجنود يلطمها على وجهها ثم ألقى أحدهم قنبلة صوتية أصابتها بكسور في الفك.
هرع الشبان نحو منور وسط إطلاق النار والقنابل الصوتية لتخليصها من الجنود والفرار بها إلى الخارج لإسعافها.
حالة من الصدمة كانت بادية على ملامح الفتاة، فسماعتها الطبية سقطت ولم تستطع استيعاب ما يجري فهي تشاهد مئات المقدسيين يجولون في المكان ما بين كر وفر، بينما هي لا تسمع شيئا ولا تريد سوى العودة لبيتها.
ورغم ألم برقان، إلا أنها حكت بلغتها لأمها أنها كانت تود شراء ملابس جديدة لشقيقها حديث الولادة، لكن ما فعله الاحتلال نغص مخططها.
تقول والدتها وهي تنتظر ابنتها على باب غرفة العمليات: "تعرض ابنتي لعنف جنود الاحتلال أصابها بالرعب والخوف، ولاتزال تعيش حالة نفسية صعبة وتردد بطريقتها "لا أريد الذهاب للأقصى".
وتضيف الأم: "يجب أن تصل قضية ابنتي للرأي العام، ليرى العالم ماذا يفعل الاحتلال بذوي الاحتياجات الخاصة (..) أحمد الله أنها لا تزال على قيد الحياة، فوجودها نعمة".
يذكر أن برقان تتعلم في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في جيلو بالقرب من بلدة بيت صفافا بالقدس المحتلة، وأجريت لها عملية زراعة قوقعة قبل سنوات، كونها تعاني من مشكلة في السمع.
وضجت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تجاهل الموقف الدولي لتكرار حوادث اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على ذوي الاحتياجات الخاصة، فغالبية المتابعين علقوا "هذه الفتاة ليست أوكرانية ولا صاحبة العيون الخضراء والشعر الأصفر، إذاً لن تحصل على التضامن!".
وبحسب ناشطين فلسطينيين، فإن إصابة الطفلة الصماء برقان يؤكد تعمد الاحتلال الاعتداء على ذوي الإعاقة خاصة، وشهدت الفترة الأخيرة التعدي على أكثر من حالة.