بدأت (إسرائيل) ما أسمته مشروع التسوية في عدد من البلدات في القدس، بعد سكوتها لأكثر من نصف قرن عن التدوين وتسجيل الممتلكات!
ظاهر هذه الفكرة هو عملية تسجيل الأراضي في السجلات العقارية بهدف ما أسمته تحديد الملكية وتنظيمها وهو أمر طبيعي في أي مكان في العالم، لكنه ليس طبيعياً من محتل فرض سيطرة إجبارية على أملاك وأراضي شعب كامل.
الباحث والمؤرخ خليل التفكجي قال إن المقدسي بين نارين، فإذا ذهب للتسجيل ستذهب أملاكه حسب ما هو مدون أو حسب قانون أملاك الغائبين، وإذا لم يسجل ستسجل أملاكه ضمن أملاك الدولة.
ويضيف: المشكلة ليست بالتسجيل، وإنما يجب أن يفهم العالم بأن هذه أراض محتلة، لا يجوز التصرف فيها أو تسجيلها أو تقسيمها.
ومع تفجر قضية الشيخ جراح تردد مصطلح التسوية لأكثر من مرة، وهو ما يدعي الاحتلال أنه مشروع لتسجيل الحقوق تعمل سلطاتُ الاحتلال على تطبيقه في الشطر الشرقيّ من القدس المحتلّة، إذ تمرّر مشاريعُ الاستيطان والتهويد تحت عنوان "التطوير"، وتُتخّذ القوانينُ وسيلةً لسرقة المزيد من أراضي الفلسطينيّين في المدينة.
وهذه المناطق المستهدفة تبدأ بكفر عقب وتمر بالشيخ جراح وصولاً للعيسوية وهذا يعني أن المشروع سيطبق في كل مكان في شرقي القدس.
وحسب التفكجي، فإن للاحتلال أهداف أخرى من ورائه لأن أراضي القدس غير مسجلة في "الطابو" إلا بنسب قليلة، ومن هنا ومن خلال عملية التسجيل سيفرز السكان بين ما هو مقيم وغير مقيم وبين من يمتلك ومن لم يمتلك ليصادر أراضي أخرى وممتلكات.
ويلفت التفكجي إلى أن الخطر في هذا المشروع أن هناك أملاكاً يهودية في المنطقة بدأ اليهود ببيعها لفلسطينيي 48 ولم تُسجل باسم أصحابها، وهذا من شأنه أن يعطي اليهود حقاً في استعادتها لأنها غير مسجلة.
وتقول الأرقام اليوم إن الاحتلال يريد أن ينقل الأملاك اليهودية إلى ما يسميه "الوقف الذري اليهودي" حيث تقدر مساحة هذه الأراضي والبيوت بـ 2500 دونم داخل المدينة بالإضافة إلى مناطق يسكنها العرب اشتروها ولم يسجلوها، وهذا يعني أن هذه عملية تطهير عرقي، وفقا لما يراه التفكجي.
ووفقا للمعلومات التي قالها التفكجي، فإن المشروع يستهدف مناطق غير إسلامية. فهناك منطقة الأديرة المسيحية ستشملها التسوية، وسبق أن بيعت إلى الاحتلال خاصة في منطقة خربة طباليا وهناك الكنيسة الألمانية التي باعت أراضيها لليهود، ومنها جزء وقف إسلامي كالمقبرة اليهودية في جبل الزيتون".
وهكا إذا نظرنا بشكل عام فإن 40 % من مساحة البلدة القديمة هي أملاك خاصة وهنا تكمن الخطورة لأن الأملاك الخاصة معظمها أملاك غائبين وهذه التسوية مرتبطة مباشرة بما يسمى قانون أملاك الغائبين.
كما أن هذا المشروع هدفه ربط شرقي القدس بغربها وقد صادرت (إسرائيل) فعلياً 83 % من شرق وهي تبحث عن طريقة لإدخال 13% المتبقية وبهذا تكون سيطرت على 100 % من مساحة شرق القدس .
ويقول التفكجي في نهاية حديثه:" إن المصادرة ستتم فورا إذا لم يكن هناك أوراق تثبت أن لهذه الأراضي والعقارات ملاك عرب، وهناك أجزاء كبيرة مملوكة ولم تسجل منذ الفترة العثمانية والبريطانية والأردنية، والاحتلال اقترح هذا المشروع وهو يعرف تماماً هذه القصة ويرد استغلالها".
ويرى التفكجي أن تحرك السلطة وتحويل القضية لقضية رأي عام، قد يجمد الأمر، مضيفاً: "لقد سبق أن استغل الاحتلال هذه المشكلة في الخان الأحمر والشيخ جراح، وجُمدت القرارات حينما تحولت لرأي عام".
ويتابع: "وفي الأمم المتحدة جُمدت كل قرارات المصادرة، لذا تستطيع السلطة أن تفعل ذلك وتلجأ للأمم المتحدة لتجميد القرار".