حدد لقاء أكاديمي أبرز متطلبات توظيف الذكاء الصناعي في التحرير الصحفي ومنها: توفير غرف أخبار رقمية حديثة وتمويلها، وتأهيل وتدريب العنصر البشري وتنمية قدراته؛ لتمكينه من التعامل الأمثل مع تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي، والاستفادة منها في إنتاج محتوى صحفي دقيق ومستقل، يلبي رغبات الجمهور ويتميز بالمصداقية والحياد.
جاء ذلك خلال اللقاء الأكاديمي "مع الباحث" أحمد كريم، الذي عقده د. يحيى المدهون بمكتبه في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، بعنوان: "توظيف الذكاء الصناعي في التحرير الصحفي".
وفي بداية اللقاء قال د. يحيى المدهون أن التحرير الصحفي يهتم بإيصال المحتوى الإعلامي، بطريقة تساعد المتلقي على استيعابه، من خلال تحويل القضايا والأحداث المختلفة إلى مادة صحفية مكتوبة بلغة بسيطة، وسهلة، ومفهومة وواضحة المعاني؛ لتحقيق وظائف الصحافة من إخبار وتثقيف وتوجيه وترفيه.
وأوضح د. المدهون أن تحرير المادة الصحفية يسهم في تحسين جودتها، وتنقيتها من الشوائب والأخطاء المعلوماتية، واللغوية والنحوية والأسلوبية، وكذلك التخلص من الجمل الزائدة والألفاظ الصعبة، والتأكد من ترابط أجزاء النص الصحفي وتماسكه، واكتمال معلوماته ودقة مصادره.
مشيراً لقدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على التفكير والإدراك، واكتساب المعرفة وتطبيقها، والتعلم والفهم من التجارب والخبرات السابقة، والاستجابة السريعة للمواقف والظروف الجديدة، ما يؤهلها للقيام بأدوار هامة ترتقي بالعمل الصحفي.
ولفت د. المدهون لأهمية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي نظراً لتأثيراتها الإيجابية، في تقليل الوقت والجهد والنفقات، وإنجاز الأعمال وإنتاج محتوى متنوع ذا قيمة وجودة عالية ومناسب لاهتمام الجمهور.
وعدد أبرز استخدامات صحافة الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، تتمثل في انتاج الأخبار آلياً، وتتبع الأخبار وتنبيه الصحفيين بالأخبار الجديدة، وإجراء بحث سريع ودقيق، وربط المعلومات وتحويلها إلى أشكال بيانية، وفحص الحقائق واكتشاف الأخبار الكاذبة.
بدوره قال الباحث أحمد كريم أن وظائف صحافة الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار تتمثل في استخراج البيانات، وتحسين البحث واختيار الموضوعات، ومتابعة ردود الفعل البشرية وتعليقات الجمهور، وكتابة النصوص الإخبارية ومكافحة الأخبار الزائفة.
وأوضح أن توظيف الذكاء الاصطناعي في العملية التحريرية يتطلب الاهتمام بإعداد أجيال صحفية مؤهلة؛ للتعامل مع هذا النوع الجديد من الصحافة، وتوفير أرشيف إلكتروني وتقنيات بحث متطورة؛ وذلك لتزويد المضامين الصحفية بالثراء المعلوماتي.
وتطرق كريم لأبرز التقنيات المستخدمة في التحرير الصحفي وهي التعلم العميق، تقنيات توليد وإنشاء المحتوى، تقنيات اقتراح الأفكار والعناوين، وتقنية تخصيص المحتوى للأفراد.
وعدد سبل الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي؛ من خلال قدرتها على التعامل مع البيانات الضخمة، وزيادة جودة المنتج الصحفي بإثرائه بالخلفيات والمعلومات الموثقة، والترجمة إلى لغات أخرى، والعمل على إنتاج ملخصات للقصص الإخبارية والمقالات الصحفية.
ولفت الباحث لأبرز تحديات توظيف الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي ومنها: عدم الفاعلية عند قلة البيانات، والافتقار إلى الابداع والوعي الذاتي وتوليد الشعور العام، حيث لا تزال المهارات التحليلية والإبداع ميزة يتفوق بها الصحفيون على الذكاء الاصطناعي.
وحصل كريم مؤخراً على درجة الماجستير في الصحافة من الجامعة الإسلامية بغزة، بعد مناقشة دراسة علمية بعنوان: "تقييم النخبة الإعلامية الفلسطينية لفرص توظيف صحافة الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي".
وبينت نتائج الدراسة أن النخبة الإعلامية الفلسطينية ترى أن درجة تأثير استخدام تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي كبيرة.
وأن أبرز ملامح مستقبل توظيف تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي، هي التطور السريع خلال السنوات المقبلة، وبروز جيل جديد من الصحفيين القادرين على التعامل مع هذه التقنيات.
وتصدر عدم توافر الإمكانات المطلوبة مقدمة التحديات التي تواجه عملية توظيف صحافة الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي، وأن توفير الإمكانيات اللازمة لهذا النوع الجديد من الصحافة جاء في المرتبة الأولى من ضمن المقترحات التي تعزز توظيف الذكاء الاصطناعي في التحرير الصحفي.
وأوصت الدراسة بضرورة اهتمام المؤسسات الإعلامية بتدريب العناصر البشرية، وتوفير الإمكانيات اللازمة للاستفادة من تقنيات صحافة الذكاء الاصطناعي بالطريقة المثلى، كما أوصت بضرورة إدراج مقررات صحافة الذكاء الاصطناعي في كليات وأقسام الإعلام في الجامعات الفلسطينية.
وفي نهاية اللقاء قدم د. المدهون درع شكر وتقدير للباحث كريم، تقديراً لجهوده وإسهاماته البحثية المتميزة في العلوم الإعلامية.