توافق اليوم الذكرى السنوية العشرين لاستشهاد المجاهدين القساميين لؤي محمود خضر استيتي (20 عامًا) وخليل بدر حسين الغروز (29 عامًا)، وهما في طريقهما لتنفيذ عملية استشهادية في إحدى المستوطنات شمال مدينة رام الله.
وقضى الشهيدان نحبهما عندما وصلا بسيارة كانا يستقلانها بين مستوطنتي "مخماس" و"ريمونيم" شمال رام الله، حيث باغتتهما مروحية حربية بإطلاق صاروخ باتجاه السيارة مما أدى إلى استشهادهما قبل تنفيذ العملية بلحظات.
وكان الشهيد لؤي استيتي من مسجد "الشهيد عبد الله عزام" بمخيم جنين، كان قد أصرّ على الانتقام بنفسه لأخيه الشهيد عبد الرازق الذي استشهد في ملحمة مخيم جنين، وابن عمه الشهيد عكرمة استيتي الذي استشهد في عملية اغتيال جبانة.
الشهيد لؤي استيتي
يعتبر الشهيد استيتي من مقاتلي حماس في مخيم جنين، واحد أبطال معركة الدفاع عن المخيم في معاركه المتتالية مع جيش لاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، وأحد العيون الساهرة في كتائب القسام، المكلف بالحراسة والمراقبة والرصد.
كان مسجد الشهيد عبد الله عزام المحطة الأولى في انطلاق شهيد القسام، ففيه كان يصدح بالأذان بصوته العذب ليوقظ النيام إلى صلاة الفجر، بل كانت له مهمة جهادية أيضا، إذ كثيرا ما كان يستحث المقاومين على الجهاد ويلهب فيهم الحماس عبر تكبيراته.
ومع اشتداد تهديدات باقتحام المخيم بعد العمليات النوعية التي كانت منطقة جنين محطة انطلاق لها، أوكلت الكتائب مهمة الرقابة والرصد إلى الشهيد استيتي ، فكان يسهر طوال الليل ممتشقا سلاحه الرشاش يجوب طراف المخيم ويراقب أحراش السعادة وشارع جنين حيفا ومنطقة الجابريات حتى لا يؤتى المجاهدون على حين غرة، ومن ثم يذهب مع أذان الفجر او قبله بربع ساعة للأذان، وبعد ذلك يسلم المهمة إلى غيره من المجاهدين.
ومع فجر يوم الخميس كان الدبابات قد بدأت عملية الاجتياح لمخيم جنين، وكان لؤي أول من أنبأ المقاومين بقدومهم بفعل قيامه بمهمة الحراسة حيث توجه إلى مسجد الشهيد عبد الله عزام وبدأ بنداءات التكبير.
وبعدما انقشعت عملية الاجتياح الفاشلة، وبدا المخيم يعلو على جراحه، ويصلح ما افسده الاحتلال وبدا للعيان شراسة الحملة الإسرائيلية، كان للؤي نصيبه منها، إذ استشهد خلال هذه الحملة أخوه عبد الرازق، وهو يقاوم قوات الاحتلال، فخلال قيامه بإلقاء الأكواع على الدبابات أطلق عليه صاروخ من منطقة الجابريات أدى إلى استشهاده على الفور.
هذا المشهد أضيف الى مشاهد كثيرة في ذاكرة لؤي، فقد سبق استشهاد أخيه بعدة اشهر استشهاد ابن عمه عكرمة في عملية اغتيال جبانة، وكان للموقفين بالغ الأثر في نفسه، اذ شكلت عملية اغتيال ابن عمه نقطة هامة في حياته ترجمها بالتحاقه بكتائب القسام.
كل من عرف لؤي، كان لا يساوره الشك بأنه كان على موعد مع الشهادة، فحديثه الدائم عنها في الفترة الأخيرة من حياته، وما نقل عنه من أفعال، كانت مؤشرات على ذلك، فقد حدث أحد إخوته التسعة أن لؤي جاء إليه في الفترة الأخيرة وهو يكتب على ورقة "الشهيد عكرمة استيتي، الشهيد عبد الرازق استيتي، فقال له لؤي اكتب "الشهيد لؤي استيتي".
الشهيد خليل الغروز
ولد خليل بدر حسين الغروز بتاريخ 21/1/1973 في مخيم العروب قضاء الخليل، وكان شقيقا لأربعة من الإخوة وثلاث من الأخوات.
وكما يقول شقيقه جبر فقد كان الشهيد لا يحيد عن الحق مهما كان صاحبه ويرفض الخطأ حتى من والديه وذو همة عالية في مقارعة جنود الاحتلال حيث كان يلقنهم درسًا قاسيًا كما دخلوا أزقة المخيم.
وتمتع الشهيد برصيد اجتماعي كبير بفضل احترامه للناس ومحبته لهم، وكان هادئا متدينا لا يقيم صلاته إلا في المسجد.
وقد أصيب برصاصة في الظهر وهو راكع في باحات الأقصى وسال دمه دون أن يستشهد.
وتقول والدة الشهيد (أم عايد) إنه استحم قبل صلاة الظهر وصلى صلاة الظهر ثم استبدل ملابسه وتناول طعام الغداء، وخرج دون أن يودع أحد.
ويوم السبت 14 مارس من عام 2002، كان الشهيد خليل الغروز برفقة الشهيد لؤي استيتي في طريقهما لتنفيذ عملية استشهادية، وعندما وصلت السيارة التي كانا يستقلانها بين مستوطنة "مخماس" و"ريمونيم" شمال مدينة رام الله أطلقت مروحية حربية صاروخا باتجاه السيارة مما أدى إلى استشهادهما قبل تنفيذ العملية بلحظات.
كتائب القسام بدورها لم تترك بيت عزاء الشهيدين استيتي والغروز لينتهي دون أن تهدي روحيهما الطاهرة هدية تذكارية منها تمثلت في اقتحام مجموعة الشهيد القائد نزيه أبو السباع معسكر "تياسير" في طوباس حيث قتلت قائد المعسكر وجرحت ثلاثة آخرين.
وعاهدت كتائب القسام الأمة أن تبقى على نهج الشهيدين وأن تكمل مشوارهما وأن لا تبقي المحتلين في حلهم وترحالهم إلا خائفين مذعورين، حتى وهم داخل أعتى تحصيناتهم.