الاتحاد الأوروبي للسلطة: اليورو مقابل تحريف المنهاج الدراسي

الرسالة نت – مها شهوان

ليست المرة الأولى التي تشترط فيها جهات دولية داعمة للسلطة الفلسطينية، تقديم مساعداتها المالية واللوجستية مقابل تنازلات، فمرة يشترطون عدم تقديم المساعدات لأهالي الشهداء، ومرات أخرى يفرضون إملاءات تتعارض مع القوانين الدولية، وأكثر من مرة طالبت عدة جهات ممولة بتعديل المنهاج الفلسطيني الذي يدعون أنه "معادٍ للسامية" ويحث على "العنف" كما فعل الاتحاد الأوروبي مؤخرًا.

ووفق ما أوردته صحيفة "جيروزاليم بوست" "الإسرائيلية"، فقد حجب الاتحاد الأوروبي وصول ملايين اليوروهات المخصصة لمساعدة السلطة الفلسطينية، وذلك بسبب ربط هذه المساعدات بتعديلات على المنهاج الدراسي والكتب المدرسية.

ودعت مجموعة من المشرعين في الاتحاد الأوروبي إلى تقليص الأموال المخصصة للسلطة الفلسطينية بسبب فشل السلطة في تعديل المنهاج الدراسي، حسب زعمهم.

وفي رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” طالبت بأن يكون التمويل مشروطاً بالتعديل، وزعمت أن الكتب المدرسية المعنية هي عبارة عن "روايات معادية للسامية وممجدة للعنف"، وذلك وفقاً لمزاعم معهد جورج إيكرت المفوض من الاتحاد الأوروبي.

وذكرت صحيفة جيروساليم بوست أنه على الرغم من الوعود التي قُطعت للدول المانحة بمراجعة الكتب المدرسية، فقد أعادت وزارة التربية والتعليم في السلطة الفلسطينية طبع الكتب المدرسية العام الماضي متضمنة القضايا نفسها التي طالب بتغييرها الاتحاد الأوروبي.

وتدعي المنظمات الدولية المانحة أن تدخلها في المنهاج الفلسطيني يأتي لضمان تعزيز "السلام والتسامح"، رغم أن التدخلات والتغييرات التي تفرضها غير منطقية. فقبل حوالي أربع سنوات، حاولت أونروا استبدال كلمة فلسطين وخارطتها وبعض المدن الفلسطينية وحذف نشاط ليوم الأسير وحذف أي إشارات للاحتلال "الإسرائيلي" ومنع استخدام اسم جدار الفصل والمستعمرات.

ويقول محمود مطر مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم بغزة، إن تدخل الجهات الخارجية في المنهاج الفلسطيني بدأ منذ 1998، وذلك حين بدأ مركز "مراقبة أثر السلام" (الاسرائيلي) بتشكيل رأي عام ضد المنهاج الفلسطيني وادعاء أنه يدعو "للعنف" و"نبذ اليهود والإسرائيليين"، مشيراً إلى أن المركز ادعى حينها أن الفلسطينيين يعترفون بـ"اتفاقيات السلام" لكن لا يطبقونها على أرض الواقع في مناهجهم.

وأكد مطر أن المنهاج الفلسطيني يعاني نقصاً في جانب القيم الوطنية الفلسطينية ولا بد من تقويتها، مستغرباً الادعاءات التي تفيد أنه يحرض على "العنف" وعدم التسامح.

وشدد خلال حديثه على أن المنهاج الفلسطيني مستقل وأُعد بأيدٍ فلسطينية وفق التوجهات الوطنية، لافتاً إلى أن هناك خطوطاً حمراء في المنهاج لا يمكن تجاوزها.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "الاتحاد الأوروبي أرجأ تحويل 214 مليون يورو كمساعدات سنوية للسلطة الفلسطينية، حيث أيد أعضاؤه شرط المجر بتغيير المناهج الدراسية في مدارس الضفة الغربية".

 وأضافت: "سافر دبلوماسيون فلسطينيون إلى بروكسل في محاولة أخيرة لعرقلة الاقتراح، الذي طرحه الممثل المجري ومفوض الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، وادعى أن المنهج الفلسطيني يحتوي على "معاداة السامية والتحريض".
 وأوضحت أنه "في أبريل 2021، تبنت لجنة مراجعة الميزانية في البرلمان الأوروبي موقف المجر، واشترطت تحويل تلك المساعدات البالغة 214 مليون يورو، بتغيير المناهج الدراسية على أساس أنها تتضمن مواد تحريضية ضد "إسرائيل" ومحتوى لا سامي". وفق زعمهم.

بدوره، ذكر الحقوقي سمير زقوت أن ربط الدول المانحة مساعداتها المالية للفلسطينيين بتحريف المنهاج الفلسطيني، وفرض ما يشاؤون من تعديلات، يأتي ضمن ازدواجية المعايير التي تطبقها أوروبا والدول المانحة.

ولفت إلى أن ربط المساعدات باشتراطات سياسية يخالف القانون الدولي والقانون الإنساني لحقوق الإنسان.

وقال "للرسالة نت"، إنه في الوقت الذي يطالب فيه الاتحاد الدولي طمس الهوية الفلسطينية من المناهج الدراسية ويدعي أنها تدعو "للعنف والتطرف"، لا يعترض على ما يجري في مدارس المستوطنات التي تدرب الصغار على استخدام السلاح وتعبئهم بالحقد والعنصرية للانتقام من الفلسطيني".

وذكر زقوت أن المؤسسات الغربية المانحة ليست عادلة في التعامل مع الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني حيث يتعاملون وفق معايير مختلفة هدفها سياسي لتقويض مطالب الفلسطينيين السياسية، متجاهلين التجاوزات القانونية "للإسرائيليين".

ويجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للسلطة الفلسطينية، وتشكل مساعداته جزءًا مهمًا من اقتصاد الضفة الغربية، كما يمول رواتب العديد من المهنيين الفلسطينيين الذين يكتبون الكتب التعليمية، وفي المقابل طلب التأكيد على أن هذه الكتب ستدعم معظم معاييره ومعايير اليونسكو للتعليم.

البث المباشر