مخطط احتلالي جديد لمحاصرة أحياء القدس وتكثيف الاستيطان فيها

غزة – مها شهوان

في الوقت الذي تهدم فيه بلدية الاحتلال بيوت المقدسيين بحجة عدم الترخيص، وترحّل عوائل بأكملها من أماكن سكناهم، فإنها تسرق الأراضي علناً وتسيطر عليها لإقامة مشاريعها التهويدية في مدينة القدس، حيث المستوطنات ومشاريع السكك الحديدية التي تقسم المدينة، وتعرقل وصول أبنائها لبقية المدن والقرى.

ورغم اشتعال الأحداث في المدينة المقدسة بين الشباب الثائر وجنود الاحتلال رداً على أي انتهاك إسرائيلي بحق المدينة وأقصاها، إلا أن (إسرائيل) تمضي في مشاريعها الاستيطانية.

 آخر تلك المشاريع ما ناقشته "لجنة التخطيط والبناء في القدس" لإيداع خطة بناء برج وفندق في مجمع "إبستين" على محور القطار التهويدي على أراضي قرية عين كارم المهجّرة عام 1948.

وبحسب الخطة، سيتكوّن البرج من 40 طابقًا صممته شركة المهندسين المعماريين العالمية، وهي واحدة من الشركات الرائدة في العالم، التي صممت أيضًا برج “خليفة” في دبي.

وتتضمن الخطة بناء 240 وحدة استيطانية في البرج، على مساحة إجمالية تبلغ حوالي 7 دونمات، من بينها 48 وحدة سكنية مخصصة للشقق الصغيرة، كما سيجري بناء فندق تبلغ مساحته حوالي 9000 متر مربع، ومبنى عام للثقافة بمساحة 5000 متر مربع.

يقول ناصر هدمي، رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، إن الحديث يجري عن مشروع استيطاني في منطقة تتبع قرية المالحة، وهي على سفح تلة جبلية مرتفعة يحدها من الجهة الشرقية بيت صفافا وحي القطمون، ومن الغرب قريتا عين كارم والجورة، والشمال أراضي لفتا ودير ياسين، بينما المنطقة الجنوبية تحدها بيت جالا وشرفات.

ووصف هدمي "للرسالة نت" المنطقة التي سيقام عليها المشروع بأنها كانت تعتبر، مطلع القرن العشرين، بداية تشكل مدينة القدس الحديثة، التي انتقل للسكن فيها أغنياء البلدة القديمة الذين لم تناسبهم القديمة؛ لحرصهم على رفاهية الحياة وسهولة التحرك، حينما كان خط التواصل بين القدس وميناء يافا يمر من تلك المنطقة، وبذلك تشكلت أحياء جديدة سميت "القدس الجديدة" وكانت منها "المالحة".

وأوضح أن بناء الأبراج السكنية التي يجري الحديث عنها الآن تأتي لتوفير أعداد كبيرة من الوحدات السكنية للمستوطنين على حساب هدم بيوت تم الاستيلاء عليها عام 1948، وتعود ملكيتها للأغنياء الذين سكنوا في ذلك المكان، مشيراً إلى أن المخطط الجديد يهدف لمحو التراث والملكيات.

وبحسب الهدمي، فإن ظهور المشروع للإعلام جاء بسبب كثرة اعتراض المستوطنين الذين استولوا على بيوت المقدسيين عام 1948، وسيتم أخذ البيوت التي سرقوها من أجل المشروع، فهم يعتبرونها كنزا تاريخيا وحضاريا.

وعن خطورة المشروع، يؤكد أنه سيزيد نسبة المستوطنين في المكان، وسيؤدي إلى قطع التواصل بين القدس ومدينة بيت جالا وشرفات، بالإضافة إلى محاصرة الأحياء المقدسية.

ولفت إلى أن تكثيف التواجد الاستيطاني في المنطقة يمثل خطرا شديدا كونه سيغير الصورة الحضارية للمدينة من ناحية ديموغرافية ومعمارية.

وفي السياق ذاته، يقول المختص في الشأن الاستيطاني عماد أبو عواد إن مشروع البرج يأتي في سياق تهويد مدينة القدس كالعادة، مشيرا إلى أن الجديد في الأمر هو وجود بعض الدول العربية التي تساهم في ذلك من خلال التطبيع أو دعم تلك المشاريع أو عدم انتقادها رغم خطورتها على المدينة المقدسة.

وفي الوقت ذاته، يرى أبو عواد أن المشروع الاستيطاني لم يصل إلى حدود النجاح الذي تسعى له (إسرائيل). فعدد المستوطنين في الضفة لم يتجاوز الـمليونين كما تريد، ومشاريعها الاستيطانية غالبا ما تتعرقل بسبب الشعب الفلسطيني المقاوم الذي يزيد من مقاومته في كل مرة تسلب فيها أرضه.

وتوقع خلال حديثه "للرسالة نت" أن تذهب الأوضاع للانفجار في ظل ارتفاع وتيرة الاستيطان، خاصة وأن هناك عمليات بطولية أسبوعية وبؤر اشتعال تحاول (إسرائيل) إخمادها.

وأكد أن الاحتلال لم يتوقع صمود الشعب الفلسطيني في وجهه لمدة 74 عاما، لذا مشاريعه غالباً ما تفشل رغم تمرير عدد منها وسرقة الأراضي وتهويدها لكن الفلسطيني لا يزال متمسكاً بأرضه وحقه.

البث المباشر