أكد مؤتمرون أن العقوبات الجماعية التي يمارسها رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس حكومته محمد اشتية، ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، الذي عانى على مدار السنوات السابقة من العدوان والحصار والانقسام، أسهمت في تدهور الظروف الإنسانية.
وبينوا أن بدلاً من اتخاذ الرئيس، ورئيس حكومته كافة الإجراءات والتدابير لتخفيف المعاناة عن أبناء شعبنا في قطاع غزة، اتخذوا سلسلة من الخطوات العقابية، التي تندرج في إطار العقوبات الجماعية وسياسية التمييز علي اساس جغرافي ، والتي حظرها القانون الأساسي الفلسطيني تحت ذريعة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
وأشاروا إلى أنه خلال فترة الانقسام تم اتخاذ العديد من العقوبات الجماعية، كطلب التوقف عن العمل، ووقف علاوات الموظفين في قطاع غزة، ومنع التعيينات الجديدة، وقطع رواتب الموظفين، ووقف العلاوات، وخصم الرواتب، واحالة الآلاف من الموظفين للتقاعد المالي والتقاعد القسري وتقليص الخدمات ووقف صرف مستحقات منتفعي الشؤون الاجتماعية، وتقليص الخدمات وسوء معاملة مرضي قطاع غزة، ومنع اصدار جوازات سفر لبعض المواطنين، وعدم دفع مستحقات شهداء عدوان 2014، وعدم استكمال تعيين دفعة متفرغي 2005 وغيرها من الانتهاكات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الحقوقي الذي نظمته الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، والفئات المتضررة من سياسة التمييز على أساس جغرافي، وضمان حقوق مواطني وموظفي قطاع غزة، الذي عُقد اليوم الأحد، الموافق 20 مارس/ آذار 2022م، في مقر الهيئة في مدينة غزة.
وافتتحت المؤتمر الإعلامية فاطمة أبونادي مرحبةً بالحضور، مؤكدة أن هذا المؤتمر يتضمن نداء عاجل لوقف سياسة التمييز على أساس جغرافي ووقف العقوبات الجماعية المفروضة من السلطة على مواطني وموظفي غزة.
وجدد ماهر بدوي الأمين العام للجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى، خلال كلمة له، دعوته للسلطة الفلسطينية بأن تسارع في اعتماد شهداء عدوان 2014 في قطاع غزة، وتصرف لذويهم مخصصات شهرية وتسلم حقوقهم المالية بأثر رجعي، مشيراً إلى أن أوضاع أسر شهداء 2014 المعيشية مأساوية، في ظل محدودية فرص العمل في قطاع غزة المحاصر.
وتابع: “إن أوضاع أسر الشهداء المعيشية صعبة للغاية، حيث إنه ليس من المنطق أن تعتمد مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى في حرب 2008 وحرب 2012، وتستثني أسر شهداء عام 2014”.
ولفت بدوي، إلى أن أسر الشهداء بصفة عامة يُكرمون، ويقدم لهم كامل احتياجاتهم، في حين أن أسر الشهداء في فلسطين يتعرضون “للإهانة والإذلال، مؤكداً أن مخصصات أسر الشهداء والجرحى حق كفله القانون الفلسطيني، ولا يحق لأحد أن يمن عليهم، وأن هذا الملف يجب أن يغلق وفوراً.
ودعا لأن تكون قضية أهالي الشهداء والجرحى مطروحة في كل اللقاءات والمحافل الرسمية من أجل إنهاء هذه المعاناة، وصرف مستحقات مخصصات أسر الشهداء كاملة وبأثر رجعي وتوفير حياة كريمة لهم.
بدوره، طالب يعقوب زروق المنسق العام للحملة الشعبية لاستعادة حقوق مواطنين قطاع غزة، السلطة بضرورة إلغاء التقاعد القسري، وتوفير الحياة الكريمة لموظفيها، منبّهًا إلى أنهم يعيشون أوضاعًا صعبة نتيجة سياسة السلطة بإحالتهم للتقاعد القسري، وبعضهم أصبح مُلاحقًا على ذمم مالية.
وأشار إلى أن التمييز بين الضفة وغزة أمر واضح وممنهج وعنصري ومقصود، وتهميش غزة تحت ما يسمى “الانقسام” أو “الانقلاب”، والمستفيد منه حركتي فتح وحماس بشكل واضح وملموس.
وبين زروق أن الموظفين المتقاعدين خاضوا الكثير من الخطوات الاحتجاجية لتلبية مطالبهم، وإلغاء التقاعد القسري، إلا أن السلطة في رام الله ما زالت تواصل سياسة التجاهل وإدارة الظهر تجاه مطالبنا.
وأوضح أن التقاعد القسري أثر بشكل كبير على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للموظفين، مشيراً إلى أن المتقاعدين لا بد وأن يحصلوا على حقوقهم كاملة، فالعقوبات التي طالت الموظفين في غزة دون نظرائهم في الضفة الغربية تعكس حالة التمييز التي تنتهجها السلطة بين الضفة والقطاع.
وأشار إلى زورق، أنه الموظفين المتقاعدين توجهوا إلى القضاء الفلسطيني، والمحكمة الدستورية لإنصافنا، ولكنها للأسف صادقت على قرار الرئيس الظالم والمجحف، وتم احالة 18700 موظف في قطاع غزة إلى التقاعد، وسنتوجه قريباً إلى محكمة العدل العليا.
من جانبه قال صبحي المغربي الناطق الإعلامي باسم الهيئة العليا للمطالبة بحقوق فقراء ومنتفعي الشؤون الاجتماعية:” إن مخصصات التنمية الاجتماعية للأسر الفقيرة واجب شرعي، وحقوقي، كفلته الأنظمة الدولية وحقوق الانسان، وهي ليست منحة ولا مكرمة من أحد، موضحاً أنه منذ العام 2017م، استحوذت السلطة الفلسطينية على 6 مخصصات، حيث لم يُصرف في العام 2018م سوى دفعتين من أصل أربعة”، وكذلك في العامين التاليين 2019، 2020، “بينما صرفت دفعة واحدة في العام 2021م بقيمة موحدة بلغت 750 شيكلًا لكل الأسر، ما يعني ضياع 3 مخصصات أخرى.
وأشار إلى أن السلطة بررت سلوكها تجاه منتفعي الشؤون الاجتماعية، بعدم وفاء الاتحاد الأوروبي بمساهمته المالية المخصصة لبرنامج الدفع النقدي لوزارة التنمية الاجتماعية، موضحاً أن الإتحاد الأوربي يدعم السلطة فقط بـ 40%، والسلطة تغطي 60% من عوائد الضرائب.
ودعا السلطة الفلسطينية للقيام بواجباتها والإسراع بصرف المخصصات المالية للأسر الفقيرة، منوهاً إلى أن الأسر المنتفعة من شيكات الشؤون تعاني ظروفاً وأوضاع معيشية سيئة للغاية، خاصة أن الفئات المستحقة هم من كبار السن، والمرضى، والأرامل، وذوي الإعاقة.
فيما أكد عماد أبو طه أمين سر اللجنة المطلبية للمقطوعة رواتبهم إن السلطة الفلسطينية تواصل سياسة قطع رواتب الموظفين بدون سبب وبشكل غير قانوني، وتتجاهل قرارات المحكمة العليا التي قضت بإعادة الرواتب المقطوعة منذ سنوات.
وقال: "توجهما إلى جميع مؤسسات حقوق الإنسان، كما توجهنا إلى المحاكم وحصلنا على أحكام ببطلان قطع الرواتب، وضرورة إعادتها، إلا أن الرئيس محمود عباس رفض تنفيذ قرارات محكمة العدل العليا برام الله، وأخيراً توجهنا إلى الاتحاد الأوروبي، وقدمنا شكوى ضد السلطة، التي قطعت رواتب أكثر من 600 موظف على دفعات، وللأسف لا تزال السلطة مصرة على تجاهل مطالبنا.
وأشار أبو طه إلى أن قضية المقطوعة رواتبهم ليست مالية فحسب، بل لها تداعيات أخرى تتمثل في عدم قدرتهم على إصدار جواز سفر، أو الحصول على تأمين صحي.
وطالب مؤسسات المجتمع الدولي بالتدخل، مؤكداً أن المقطوعة رواتبهم سيذهبون في اتجاه تدويل قضيتهم في المحاكم الدولية، إذا لم تلتزم السلطة بتنفيذ قرار محكمة العدل العليا.
من جهته، تحدث زهير خضر عفانة من وزارة السياحة والأثار عن حقوق موظفي البطالة الدائمة، مشيراً إلى أن ملف البطالة الدائمة يعتبر من أقدم الملفات، فنحن من أسس الوزارات والمؤسسات منذ عام 1993م، فبعد خدمة استمرت لسنوات طويلة يصل أصحاب العقود إلى التقاعد دون راتب ودون أي مستحقات.
وأوضح أنه تم التواصل مع جميع الجهات الرسمية والحقوقية لإيجاد حل لأزمتهم، إلى أننا لم نجد حتى يومنا الحالي حلولا لقضيتنا.
وذكر عفانة أن ما يحدث مع موظفي العقود في المؤسسات الحكومية جريمة إنسانية، ولا يمكن أن تحدث في أي دولة أخرى، فهل من المنطق أن يقدم ويعطي ويخدم الموظف لأكثر من 28 عاماً ثم لا يحصل على حقوقه، وأقلها التثبيت أسوة بباقي الموظفين العموميين؟!".
وفي كلمة له قال د. صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”: ”إن العقوبات الجماعية التي تفرضها السلطة برام الله يدفع ثمنها المواطنون، كما أنها تحط من كرامتهم الإنسانية بحرمانهم من حقوقهم وأرزاقهم، ومعاقبتهم وتحويل حياتهم ‘لى جحيم يقترب من مستوى الكارثة الإنسانية.
وأكد عبد العاطي عدم دستورية ومشروعية العقوبات الجماعية كونها مخالفة واضحة للقوانين الفلسطينية، وتشكل جرائم تستوجب المساءلة والمحاسبة بنظر القانون الأساسي الفلسطيني وجملة المواثيق الدولية وقواعد القانون الدولي، مطالباً الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية بالتراجع الفوري عن هذا القرارات وإلغاء كافة أشكال العقوبات الجماعية التي اتخذها ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، ووقف اتخاذ أية خطوات جديدة، والعمل على تحييد الموظفين والمواطنين والقطاعات الخدمية عن أي صراع أو نزاع سياسي أو إداري.