خسارات فتح المتتالية.. الحصاد المر لتيار التنسيق الأمني

غزة– الرسالة نت

خسارات متتالية منيت بها حركة فتح خلال الأشهر الماضية، كان آخرها خسارتها بالأمس في انتخابات مجلس الطلبة لجامعة بيت لحم، حيث فازت كتلة صوت الطلبة الإطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وحصلت كتلة صوت الطلبة على 17 مقعدا، بينما حصلت كتلة القدس والعودة "حركة فتح" على 14 مقعداً.

وجرت انتخابات اتحاد مجلس الطلبة في جامعة بيت لحم بعد انقطاع لعامين بسبب تداعيات وباء كورونا.

وقال سامر القيسي، أحد كوادر جبهة العمل الطلابي في جامعة بيت لحم في تصريحات صحفية، إن من شارك في انتخابات مجلس الطلبة هي جبهة العمل الطلابي التي حصلت على غالبية المقاعد، وحركة الشبيبة الطلابيّة فقط.

لم تكن هذه الخسارة الأولى لحركة فتح بل سقطت الحركة سقوطا مدويا في الانتخابات المحلية التي جرت المرحلة الأولى منها في 11 ديسمبر، في الضفة الغربية من دون قطاع غزة.

وأظهرت النتائج الرسمية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية خسارة كبيرة للحركة، في مقابل فوز كاسح لقوائم العائلات والمستقلين والأحزاب والكتل الأخرى.

وأوضحت اللجنة أن عدد المقترعين الكلي في 154 هيئة محلية جرت فيها الانتخابات بلغ 262,827 من أصل 405,687 ناخب وناخبة، بنسبة مشاركة وصلت إلى 66% من أصحاب حق التصويت.

وأعلنت اللجنة أن 70.86% هي نسبة المقاعد التي حصلت عليها القوائم المستقلة فيما حصلت القوائم الحزبية على 29.14%.

وجاءت خسارة فتح في ظل سلسلة من التجاوزات للسلطة ضد المواطنين تمثلت بالاغتيال والقتل والاعتقال السياسي وحرمان المواطنين من التعبير عن آرائهم، بالإضافة إلى التنسيق الأمني والاقتصادي مع الاحتلال.

الخسارة الكبيرة جاءت على الرغم من حشد فتح لكامل قدراتها التنظيمية واستخدامها أساليب العربدة والتهديد والسطو على قوائم العائلات خلال المرحلة السابقة.

وكان المتخصص في الشؤون القانونية، ماجد العاروري، قال إن "تجزئة الانتخابات المحلية يعود إلى خشية السلطة من خسارة بعض المدن الكبرى، مثل الخليل ونابلس ورام الله وغيرها، في الانتخابات المقبلة، ولا علاقة لذلك بالوضع الصحي لأنه يمكن معالجة ذلك بزيادة عدد مراكز الاقتراع"، في إشارة إلى ما أعلنته الحكومة حينها من أن تقسيم الانتخابات إلى مراحل جاء نظراً لظروف انتشار جائحة "كورونا".

واعتبر العاروري، في منشور على صفحته في "الفيسبوك"، أن "غالبية المجالس المحلية الصغيرة تفوز مجالسها بالتزكية ويسهل التأثير على توجهاتها الانتخابية".

ووفق مراقبين فإن الخسارات المتتابعة تؤكد أن هذا المشروع الذي تبنته قيادة فتح القائم على تحقير المواطن وترهيبه و(ترهيب القوائم المنافسة) وابتزازه في لقمة عيشه، والتنسيق الأمني، والانبطاح تحت بساطير الاحتلال قد أودى بها نحو الهاوية الوطنية، على الرغم من كل محاولات الإنعاش، وهذا دليل آخر على أن نخبة الشعب قد انفضت تماما عن فتح وعمن يمثلها".

وفي سياق الهزائم التي منيت بها الحركة فقد فازت قائمة العزم المشكلة من اتحاد حركة حماس والجبهة الشعبية بغالبية الأصوات في انتخابات نقابة المهندسين أغسطس الماضي، مقابل خسارة قائمة المهندس الفلسطيني المحسوبة على حركة فتح.

وتصدرت المهندسة الفلسطينية د. نادية حبش الأصوات لتحصل على منصب نقيب المهندسين؛ في نتيجة عكست خيارات الشارع الفلسطيني، في أول انتخابات تمت بعد مقتل الناشط نزار بنات على يد أجهزة الأمن التابعة للسلطة.

وكانت الانتخابات مؤشر حقيقي وواضح على توجهات الشارع بعد مقتل بنات، وما شهدته الساحة الفلسطينية من تطورات في أعقاب ذلك.

وحملت انتخابات النقابة دلائل سياسية بعكس ما تحاول حركة فتح تمريره للجماهير، إذ تعكس هذه الانتخابات موقفًا شعبيًا عامًا من سياسات السلطة الفلسطينية التي هي بالأساس محسوبة على حركة فتح.

وبسبب الوضع المتردي لحركة فتح لجأ رئيس السلطة لتأجيل الانتخابات التشريعية وقبل ساعات من انطلاق الدعاية الانتخابية التي سجلت لها 36 قائمة فصائلية ومستقلة.

ولم تحدد قيادة السلطة في بيانها الذي تلاه محمود عباس موعدا محددا لإجراء الانتخابات، مكتفية بالإشارة إلى ضرورة موافقة إسرائيل على إجراء الانتخابات بالقدس الشرقية.

ويؤكد عدم تحديد موعد جديد للانتخابات، أنها قد لا تجرى في المدى المنظور.

بدوره اعتبر المحلل السياسي ساري عرابي في مقال على "عربي21" إن جزءا من التصويت في الانتخابات كان سياسيا بسبب حالة ضيق كبيرة وعارمة بتوجهات السلطة ومن يمثلها في التجمعات الشعبية؛ سواء حركة فتح أو باقي الكتل السياسية والمنظمات والهيئات المتعددة المحسوبة على حركة فتح بشكل أو بآخر.

وأوضح أن ذلك يُحسب سياسيا طالما أن الجمهور الفلسطيني لم يأخذ فرصته في انتخاب قيادة سياسية وتجديد الشرعيات للسلطة؛ وأنه ثمة ممارسات متراكمة متعددة جعلت شعبية السلطة وحركة فتح تنحسر إلى حد كبير، فلا يمكن أن نجنب الجانب السياسي عن هذا النوع من الانتخابات.

واعتبر أن الأمر كذلك غير منفك عن الجانب النقابي والمهني؛ فالحديث عن إدارات مزمنة في النقابات والعديد من الهيئات دون أي تطوير ودون أي إنجاز لجمهور المستفيدين من هذه الإدارات؛ مع تصورات أيضا غير منفكة عن الجانب السياسي من فساد أو محسوبية أو سوء إدارة.

البث المباشر