أشبه بـ"جزر" متقطعة؛ باتت اليوم مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، بعد أن أصبحت البؤر والتجمعات الاستيطانية تحيط بها من كل جانب، بينما تواصل حكومة الاحتلال استكمال مخططاتها بابتلاع ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وفرض السيادة (الإسرائيلية) عليها.
وكشف ما يسمى مجلس التجمعات الاستيطانية (يشع) في جلسته المسائية السبت الماضي، أنه سيتقدم لحكومة الاحتلال الإسرائيلية بخطة واسعة وتكميلية للخطة التي تقدم بها سابقًا لبناء 4958 وحدة استيطانية جديدة لتوسيع مستوطنات قائمة ولتوسيع ومد أعمال البنى التحتية في بؤر استيطانية قيد الإنشاء وشق 5 أنفاق ومد جسرين أحدهما قيد البناء.
وذكر أن مخططين ومهنيين يعملون على إعادة دراسة الخطة التي تقدم بها المجلس لوزير جيش الاحتلال بيني غانتس للمصادقة عليها، وإضافة بعض التعديلات لتقديمها في الاجتماع المزمع عقده الأسبوع الجاري.
وحسب المجلس الاستيطاني: "حصلنا على الموافقة المبدئية وطلبات البناء على طاولة غانتس تنتظر مصادقته النهائية".
وزعم (يشع) أن هناك تجميعاً صامتاً للمستوطنات خلال الأشهر الأخيرة رغم اعترافه ببناء 1902 وحدة استيطانية خلال الأشهر الأولى من العام 2022، ولفت إلى خطط للبناء في التجمعات الاستيطانية القائمة ونسبة أخرى خارج تلك التجمعات، وأرجع المستوطنون هذا العدد الكبير من الخطط للمناخ الدولي وللحاجة لتوسيع المستوطنات لاستقبال آلاف القادمين الجدد من أوكرانيا وروسيا.
وأظهرت قائمة الخطط الاستيطانية رغبة المستوطنين في بناء 650 وحدة في مستوطنة "تل تسيون" و360 وحدة في مستوطنة عمانوئيل شرقي قلقيلية و 377 في (كدوميم)، 192 في (شعاريه تكفا)، 136 في تفوح، 90 في (دولف) و32 وحدة في (مستوطنة معاليه أدوميم) قرب القدس، بالإضافة لبناء 193 وحدة في مستوطنة (إفرات) قرب بيت لحم و 179 وحدة في مستوطنة (عيناف) شرقي طولكرم، 168 في طلمون، 136 في (جفعات زئيف)، 107 في (حيناميت)، 93 في (تسوفيم) و64 في (رفافا) و136 في (بسغات زئيف) قرب القدس.
وتقاطع ذلك مع تعهد وزير القضاء في حكومة الاحتلال جدعون ساعر أنه لن يتم تجميد بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
ونقلت القناة السابعة العبرية عن ساعر قوله إنه لن يقبل بذلك، وسيقاتل من أجل منع وقف بناء المستوطنات في الضفة، وهدفه سيتحقق.
فرض وقائع
ويرى المختص في شئون الاستيطان خالد منصور أن ما يجري هو مواصلة سياسة فرض الأمر الواقع ضمن وقائع احتلالية على الأرض يصعب مستقبلاً تغييرها؛ وكلما زاد الاستيطان وفتحت شوارع، فلا يمكن إزالة التجمعات الاستيطانية.
ويؤكد منصور في حديثه لـ "الرسالة" أن رئيس حكومة الاحتلال المستوطن نفتالي بينت يتصرف وكأنه الحاكم الفعلي للضفة الغربية، ويستمد سياسته من المستوطنين ويتنافس على دعم الاستيطان من أجل كسب الأصوات المتطرفة لصالحه.
وبين أن المخطط الاستيطاني الجديد في الضفة والقدس هدفه تغيير شكل الأرض الفلسطينية ليجعلها غير قابلة لأن تصبح دولة فلسطينية، وجعل البناء الاستيطاني الجديد عقبات أمام أي حل تسوية مستقبلي.
ويشدد على أن تضييق الخناق وسياسة التطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال تتصاعد وسرطان الاستيطان بات يلتهم منازل الفلسطينيين وشوارع المدن الرئيسية التي أصبحت تعيش في محيط يهودي بعد أن كان الاستيطان قبل اتفاقية أوسلو جزراً بعيدة في بحر معزول عن الضفة والقدس، حسب وصفه.
ويعتقد منصور أن الاحتلال لن يرحل إلا إذا بدأ يخسر، وبناء على ذلك فإنه بات المطلوب تغيير استراتيجية العمل الفلسطيني وتبني البرنامج الكفاحي الذي يعتمد العمل المقاوم كأساس ويعتبر أن "أوسلو" باتت من الماضي.
ويؤكد خبير الاستيطان رئيس وحدة الخرائط في القدس، خليل التفكجي، أن سلطات الاحتلال أعلنت عن طرح عطاءات جديدة لبناء 96 وحدة استيطانية في مستعمرة (ادم) شمال شرق مدينة القدس المحتلة، ضمن مناقصة ي/ج/82-2020، وفق رؤية تطويق مدينة القدس بطوق استيطاني قابل للتوسع داخليًا وخارجيًا باتجاه الضفة الغربية.
ويضيف التفكجي، في حديث صحفي، أن الإعلان تضمن توسيع مستوطنة "جفعات همتواس"-"خربة طباليا" جنوب القدس المحتلة، لإعادة المخطط وتوسيع عدد الوحدات الاستيطانية فيها بهدف مضاعفتها، وتضم 680 وحدة استيطانية ستقام على أراضٍ فلسطينية خاصة، مشددًا على أن الاحتلال يستغل انشغال العالم والإعلام بالحرب الروسية على أوكرانيا لتنفيذ مخططاته في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويشير إلى أن هذه المشاريع تدل على استمرار الحكومة الإسرائيلية بتشكيلتها اليمينية الحالية بتنفيذ مخططات سابقاتها بفرض واقع جديد في الضفة الغربية المحتلة يتمثل في الزج بمليون مستوطن قبل العام 2025.