وسط حالة من الإرباك والتخبط، ومحاولة حفظ ماء الوجه، عقب الفشل الأمني الذريع الذي أصاب منظومته الأمنية، يحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي ترميم صورته عبر فرض إجراءات عقابية على مدينة جنين وعزلها عن باقي مدن الضفة.
ويعتقد الاحتلال أن سياسة العقاب الجماعي التي يفرضها على المدينة يمكن أن تحد من تصاعد العمليات وتخمد نيران التوتر الأمني الذي بات يزداد يوماً بعد يوم وينذر بانتفاضة مسلحة؛ لمواجهة جرائم الاحتلال.
وكان رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أمر قبل يومين بإغلاق حاجز الجلمة حتى إشعار آخر، بهدف عزل جنين وتشديد الحصار عليها ومنع سكانها من العبور إلى الداخل المحتل.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الأحد، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبدعم من المستوى السياسي، تعمل على عزل الأحداث الجارية في شمال الضفة الغربية وخاصة جنين، عن باقي المناطق الفلسطينية، ومنع امتداد أي أحداث تجري هناك إلى مناطق احتكاك أخرى.
ووفقًا للمراسل العسكري للصحيفة يوسي يهوشع، فإن العمل يتركز حاليًا من أجل الحفاظ على الهدوء بغزة، والقدس، وكذلك في مناطق أخرى من الضفة الغربية، وحتى في أوساط فلسطينيي الداخل.
واعتبر التقرير أن العمليات التي جرت ولا زالت في جنين، ستخلق شعورًا بين أفراد المجموعات المسلحة بأنهم "مطاردون"، في المقابل لا زالت "مهمة فك شيفرة العملية الأخيرة لم تكتمل" بعد فشل اعتقال والد وأشقاء منفذ العملية رعد حازم، والشخص المشتبه بمساعدته، الذي يقول "الشاباك" أنه معروف لديه.
وأشار إلى أن العملية الأخيرة، كما العمليات التي سبقتها جميعاً، جرت دون بنية تحتية تنظيمية، وأن نجاحها يثير مخاوف من هجمات تقليدية أخرى.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن عزل مدينة جنين يأتي في إطار المعالجات الأمنية من الاحتلال التي لم يثبت أنها نجحت سابقاً، وإن حققت بعض النجاح إلا أنه مؤقت وليس استراتيجياً.
ويؤكد الدجني في حديثه لـ "الرسالة" أن باقي المدن الفلسطينية قد تلتهب مع جنين ولا يمكن أن يقبل الفلسطيني بعزل المدينة عن باقي محافظات الضفة الغربية وحتى قطاع غزة.
وقدّر أنه في حال استمر ذلك دون تدخل من المجتمع الدولي ودون ضغط إقليمي ودولي، فإن المحافظات الأخرى ربما تذهب باتجاه تكرار نموذج جنين، وهذا هو المطلوب في إطار تطوير أداء المقاومة بكل أشكالها من خلال التحام الشعب الفلسطيني في كل محافظات الوطن والداخل والشتات.
وشدد على ضرورة الضغط على الاحتلال بكافة الطرق ودفعه لرفع هذا الحصار الظالم الذي يعتقد أنه قد يجلب له الهدوء لكنه في المقابل قد يجلب له المزيد من العمليات.
ويعتقد الكاتب مصطفى إبراهيم أن ما يجري يبدو كأنه محاولة لترميم الصورة المهزوزة، بإنجاز نصر سريع يعيد الاعتبار للنظام السياسي والمنظومة الأمنية المهتزة، وحالة الردع، إلا أن هذا العدوان السريع هو خطوة أولية، ومحاولة لردع المقاومة، وكذا ما تلاه من قرارات بفرض حصار أمني واقتصادي على جنين.
ويوضح إبراهيم في مقال له أن هذه الخطوات العقابية الاقتصادية والعدوان العسكري والأمني ضد جنين، قد يكون جزءاً من جملة من الخطوات والقرارات التصعيدية العدوانية القادمة في مدن الضفة الغربية، وفي مناطق أخرى من فلسطين سواء ضد غزة أو فلسطينيي الداخل لاستعادة الردع وقمع الفلسطينيين.
ويشير إلى أن دولة الاحتلال تهدف من خلال تلك السياسات والقرارات، إلى تحييد المقاومة الفلسطينية وعزلها عن حاضنتها الشعبية، ومحاولة كي وعي الفلسطينيين تجاه واقع الضفة الغربية السياسي وتجاه الاحتلال أيضاً.