أصبح المقدسيون في خوف من النزول إلى متاجر وحوانيت البلدة القديمة، وكل يوم يقل عدد رواد المتاجر والأسواق فتتأثر حركة البيع، لأن جنود الاحتلال (الإسرائيلي) اعتادوا تعكير صفو فرحة الاستعداد للأعياد.
لكن الأمل يسكن الباعة بانتعاش الحركة في الأيام الأخيرة من رمضان بسبب قدوم المعتكفين من الضفة والداخل، وبسبب تزامن الأعياد الإسلامية مع الأعياد المسيحية، كما تشهد جولة لأحد النشطاء المقدسيين في حواري الأسواق القديمة.
في البلدة القديمة في القدس هناك 2000 محل تجاري قديم يعلو معظمها الكساد، بسبب منع الاحتلال لأهالي الضفة الغربية من الوصول إلى البلدة القديمة في أغلب أيام السنة، وقد كانت متعطشة للعشر الآواخر من رمضان بسبب بعض التسهيلات التي تزيد عدد المعتكفين.
ويلفت زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إلى أن معاناة تجار القدس بدأت مع الانتفاضة الأولى حينما بدأ الاحتلال يزيد من تضييقاته عليهم حتى أن مجموعة من المحال أغلقت أبوابها نهائياً بسبب الخسائر الفادحة.
ما قبل الانتفاضة الأولى، يقول الحموري، كانت الأسواق متخصصة، ما بين سوق العطارين، وخان الزيت وسوق اللحامين، وكل له مجال تجارة خاصة به، لكن سياسة الاحتلال في خنق المدينة أجبرت بعض أصحاب المحال على تحويل تجارتهم وبعضهم أجبروا على إغلاق محالهم.
ويتابع الحموري: "الاحتلال لا يكتفي بمنع المتسوقين من الوصول إلى البلدة القديمة، بل يلاحق التجار بالضرائب مثل ضريبة "الأرنونا" التي تبلغ قيمتها 400 شيكل على كل متر مربع سنوياً، بالإضافة إلى ضريبة دخل، وضريبة مضافة وكلها دون أن يتلقى أصحاب المتاجر أي خدمات في المقابل.
هذه الإجراءات عقدت من أزمات تجار البلدة القديمة وأصبحوا مهددين في كل لحظة بالمزيد من الخسائر نتيجة ضعف الإقبال وتزايد الضرائب، وهذا هو الهدف الذي يسعى له الاحتلال وصولاً إلى تفريغ البلدة القديمة من تجارها وسكانها.
لؤي الحسيني، مدير عام الغرفة التجارية الصناعية العربية في القدس، قال "محال القدس تعتمد على الوافدين والسياح، وبما أن أهل غزة وأهل الضفة ممنوعون من الدخول فإن حركة التجارة تتأثر بذلك، ناهيك عن جائحة كورونا فمنذ شهر مارس 2020 لم يأت السياح إلى القدس من خارج فلسطين.
وأضاف أن بعض التسهيلات خلال الأيام القليلة الماضية أنعشت المحال التجارية في القدس، وفقاً للحسيني، فاستعدوا لاستقبال الوافدين وزينوا البلدة القديمة وجددوا بضائعهم لتعويض جزء من خسائرهم في العامين الماضيين بسبب كورونا وأحداث الأقصى العام الماضي.
وأشار إلى أن حركة البيع تحسنت هذا العام؛ لكن أقل من المتوقع بسبب توتر الأوضاع على باب العامود وباب السلسلة وكلها أبواب مؤدية للأسواق القديمة.
وينوه الحسيني إلى أن تجار القدس يراهنون عادة على شهر رمضان أكثر من المواسم الأخرى لأنه شهر العبادات والصلوات حتى أن بعض المحال التي أغلقت خلال العامين الماضيين، أعاد أصحابها فتحها الآن، فهم يصرون على ألا تظل متاجرهم مغلقة فيعمل الاحتلال على مصادرتها بحجة عدم دفع الضرائب.
كما أن بلدية الاحتلال تحرم أسواق البلدة القديمة من الخدمات المقدمة كما يقول الحسيني، كالنظافة والإنارة وتجديد شوارع وتسهيل طرقات وعمل مواقف للسيارات، مشيراً إلى أن هذه التعقيدات تحد كثيراً من قدوم المتسوقين والسياح.
ويشير الحسيني أن حركة السياحة يتحكم فيها الاحتلال، الذي يحتكر حملات الترويج ويحارب كل الحملات التي تقوم بها الغرفة التجارية المقدسية، التي أغلقتها سلطات الاحتلال بأمر من المحكمة، ويتجدد الإغلاق كل ستة أشهر.
وهكذا فمن الواجب على أهالي القدس أن يجعلوا رباطهم فرصة لدعم أسواق البلدة القديمة، لتشجيع تجارها على فتح أبواب متاجرهم وإعادة المغلق منها بسبب الكساد والاحتلال، من أجل تفويت الفرصة عليه في تحقيق أهدافه الخبيثة.