تتوالى الأزمات والكوارث على الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء بلبنان، على وقع اشتداد أزمات البلد المضيف من جهة، وأزمات اللاجئين المتواصلة من جهة ثانية.
" الجوع والاونروا والأزمة اللبنانية الداخلية وقانون العمل" رباعية شكلت أبرز تحديات اللاجئين، ولا تزال تداعيات تفرض نفسها عليهم بعد 74 عاما من النكبة.
وحذر ياسر علي عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج، ما أسماه بـ"شبح المجاعة" التي باتت تطرق المخيمات الفلسطينية في لبنان، كتحد خطير فرض نفسه عليهم؟
وقال علي في حديث خاص بـ"الرسالة نت" إنّ 250 ألفا فلسطينيا من أصل 540 ألف لاجيء بلبنان غادروا البلد بحثا عن العمل، "فيما يسيطر شبح الهجرة على بقية الموجودين، في ظل ارتفاع حالات الفقر والبطالة في المخيمات".
وأوضح أن نسبة البطالة في المخيمات كانت 56% والفقر 65%، لكن في ضوء أحداث عام 2019، ارتفعت نسبة البطالة لتصبح 65% ووصلت نسبة الفقر 80%.
شبح المجاعة
وفي ضوء ذلك، أكدّ علي إن التحدي الصارخ والأهم في تاريخ فلسطينيي لبنان، "هو تحد المجاعة، خاصة وأن الشعب الفلسطيني لا يجد عملا في ضوء تفشي البطالة في لبنان".
وتحظر أساسا الدولة اللبنانية اللاجئين من مزاولة المهنة في 73 عمل.
وجددّ تأكيده على أن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم "عمل مناف لحقوق الانسان والشرائع الدولية".
وذكر الباحث في شؤون اللاجئين أنّ الفلسطينيين هم أول الرافضين لمشاريع التوطين، "وحق الاستشفاء والعمل لا يتعارض مع هذا الرفض"، تبعا لقوله.
وتتذرع السلطات اللبنانية في رفضها منح حقوق التملك والتعليم والاستشفاء، لسياساتها الرافضة لمشاريع التوطين بلبنان.
وقال علي إنّ المرتاحين ماليا من اللاجئين بدؤوا يشعرون بضغط الحياة، خاصة وأن المصارف بلبنان لا تسمح بسحب الأموال من خلالها أو حتى تلقي تحويلات من الخارج.
وأوضح أن عدد كبير من اللاجئين يعتمدون بشكل أساسي على تحويلات أبنائهم من الخارج وتقدر بمئة مليون دولار في السنة تقريبا.
ولخص علي حال اللاجئين بالقول: "انتقلنا من الحديث عن مشاريع تنموية لاغاثية الى المطالبة بغذاء ثم اليوم نطالب بوجبات ساخنة لمئات المنازل التي تبيت دون عشاء أو حتى غداء".
وأكدّ أن اللاجئ في لبنان لديه إشكالية مضاعفة، "فهو لا يجد عملا ولو وجده لا يحق له العمل".
كابوس الهجرة والبطالة
وعلى ضوء تدهور الوضع الاقتصادي بلبنان، فأكدّ علي أن أبواب الهجرة "باتت مشرعة ومفتوحة أمام الفلسطينيين"، مبينا أنّ الرقم الرسمي الوحيد الصادر عن الدولة يشير لـوجود 174، فيما كانت اعداد الفلسطينيين تصل لـ540 ألف.
كما أشار إلى أنه تبقى قرابة 20 ألف فلسطيني نازح من سوريا من أصل 90 ألف لاجئ فلسطيني وصلوا لبنان من هناك.
الأزمة اللبنانية والأونروا
أما التحد المستمر للاجئين، فيتمثل بوكالة "الأونروا"، خاصة مع الازمة المالية التي تعصف بها، وتحديدا في ضوء عجزها الذي يصل لقرابة مئة مليون دولار تقريبا.
وقال إن الازمة شكلت تحد على صعيد الملفين الصحي والتعليمي، موضحا أن العملية التعليمية بدأت بـ"صفوف مكتظة وخدمات ضئيلة"، كما أنه جرى تقليص دعم الصحة لـ50% بعدما كان الدعم لبعض الامراض 90%.
وأوضح علي أن الاونروا تقوم بدور أساسي ومفصلي في ملفات الاستشفاء والإغاثة، مشيرا إلى وجود نقص شديد في أعمالها منذ قدوم إدارة ترامب وكان آخرها وقف المعلمين في مدارس للأونروا بلبنان.
وذكر ان الاونروا أوقفت مشروع داعم للتعليم، "ما يعني حرمان عدد كبير من المعلمين الذين يعملون ضمن صيغة المشاريع المدعومة من الخارج".
ورأى علي أن الاونروا تعاني من ضغط خارجي لانهاء دورها، "يستدعي أن نقف إلى جانبها"، كما وتعاني من فساد وهدر أموال وصراع لوبيات في داخلها.
وأوضح أن هذه الإشكاليات التي تعاني من الوكالة أثرت سلبا على اللاجئ، الذي يفترض أن يتلقى خدمات عالية في ظل مأساوية أوضاعه الإنسانية.