رسميًا شطبت الولايات المتحدة الأمريكية أمس الجمعة، اسم حركة "كاهنا كاخ" اليهودية المتطرفة، من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وذلك في إطار مراجعات دورية تجريها كل خمس سنوات.
وفي إشعارات نشرها السجل الفدرالي، قالت الخارجية الأمريكية إنه تم إلغاء 5 منظمات ضمن القائمة المذكورة، بموجب قانون الهجرة والجنسية، بما فيها "كاخ" المسؤولة عن ارتكاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل عام 1994.
ويترتب على إزالة المنظمة من قوائم الإرهاب، إلغاء مجموعة من الإجراءات التي فُرضت عليها، من بينها إزالة العقوبات المالية وإلغاء حظر سفر أعضائها.
وعادة يتم إدراج أي منظمة على لائحة الإرهاب الأمريكية، بعد تقديم وزارات: "الخارجية والخزانة والعدل" الأدلة والبيانات إلى الكونغرس، تثبت تورط المنظمة في أنشطة إرهابية وتشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، بدوره يوافق الكونغرس أو يعترض على التصنيف المقدم.
بعد ذلك تقوم الوزارات المذكورة بإعداد سجل عن المنظمة المعنية، يتبعه تجميد أرصدتها وأصولها المالية في الولايات المتحدة وفي المؤسسات والمناطق الخاضعة لنفوذها.
حركة كاخ ومجزرة الخليل
تأسست حركة "كاهنا كاخ"، اليهودية المتطرفة على يد مائير كاهانا، في نهاية الستينيات بالولايات المتحدة الأمريكية، لكنها بدأت نشاطها السياسي في إسرائيل عام 1971، عندما هاجر "كاهانا" إليها مع عدد من أتباعه.
وتدعو الحركة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وترحيلهم إلى الدول العربية ضمن ما يعرف بخطة "التراسفير"، وأن تكون إسرائيل خالصة لليهود وحدهم، كما ترى أن التوسع الاستيطاني أمراً غير قابل للمساومة.
وعارضت الحركة إعادة سيناء إلى مصر كما تعارض إعادة الجولان لسوريا واتفاقية أوسلو، فهي ترى أن لإسرائيل الحق في الأرض والسيادة، وينبغي عليها أن تطبق سيادتها على الأرض فوراً لأن في ذلك ضرورة لمصالح إسرائيل الأمنية.
وترى "كاخ" بأن خلاص الشعب اليهودي لن يتحقق إلا بعد ضم المناطق المحتلة، وإزالة كل عبادة غريبة، من جبل الهيكل (في إشارة للمسجد الأقصى المبارك)، وإجلاء جميع أعداء اليهود من أرض فلسطين.
وانطلاقًا من تلك الرؤية، يعتقد مؤسس الحركة، بأن "دولة إسرائيل ليست مجرد كيان سياسي، بل هي كيان ديني تحقق بمشيئة الرب، لذلك لا توجد قوة في هذا العالم تستطيع تدميرها أو منعها من التوسع"، على حد تعبيره.
ويصف "كاهانا" في إحدى مؤلفاته العرب بـ "الشيطان"، وينادي بضرورة ترحيلهم الفوري من "أرض إسرائيل"، إذ يقول: "ليس هناك إمكانية للتعايش السلمي بين الطرفين" فهم في نظره " قنبلة موقوتة " ستنفجر في الدولة اليهودية في أية لحظة.
التوارة والسيف.. شعارها
"يد تمسك التوراة وأخرى بالسيف" هذا الشعار الذي تتبناه الحركة المتطرفة، أي أن السبيل الوحيد لتحقيق الآمال الصهيونية هو "التوراة والسيف"، وهي الأفكار التي تلتقي مع تنظيرات الزعيم الصهيوني المتطرف جابوتينسكي.
وتضم "كاخ" مجموعة من الإرهابيين الذي يشهد لهم التاريخ بـ "التطرف والعنصرية"، من بينهم يهودا ريختر، المتهم بضلوعه في قتل أحد أعضاء حركة السلام الآن، إضافة لـ"باروخ غولدشتاين" الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994، والتي أدت لاستشهاد 29 فلسطينياً وإصابة العشرات.
كما نظمت الحركة المتطرفة في ثمانينيات القرن الماضي مسيرات، دعت فيها الفلسطينيين في الداخل المحتل، للرحيل عن ما يتعبرونها "أرض إسرائيل"، هذا إضافة لقائمة طويلة من الممارسات الإرهابية من بينها الاعتداء على الأشخاص والإضرار بالممتلكات، وتخريب الأشجار والمزروعات.
وتوزع الحركة المتطرفة التي اتخذت من مستوطنة كريات أربع في الخليل مقراً لقيادتها، خريطة لإسرائيل تمتد من النيل إلى الفرات، إذ لا مجال للشك _حسب رأيها_ فيما ورد في التوراة من أن "أرضنا تمتد من النيل إلى الفرات".
وفي تموز/ يوليو 1994، شكلت حركة "كاخ" قوة شبه عسكرية سرية تتنكر في شكل عملاء أمن إسرائيليين في القرى العربية.
الانشقاق داخل "كاهنا"
وتعرضت الحركة للانشقاق بعد مقتل مؤسسها "كاهانا" في نيويورك عام 1990 على يد مواطن أمريكي من أصول مصرية، إلى قسمين: احتفظ الأول باسم "كاخ" وهو التنظيم الأكبر والأخطر، حيث يبلغ عدد أعضائه المسجلين عدة مئات إضافة لآلاف المناصرين.
أما القسم الثاني فهو تنظيم "كاهانا حي" الذي يرأسه ابن مائير كاهانا، وهذا أقل شأناً من تنظيم "كاخ"، وإن كان يقوم بنفس النشاطات الإرهابية العلنية والسرية.
ورغم أن "كاخ" و"كاهانا حي"، صُنفتا وفق القانون الإسرائيلي بـ "جماعات إرهابية" وحظرت الحكومة الإسرائيلية كافة أنشطتهما، إلا أن فكرة التطرف لازالت قائمة، ولها أتباع منهم ما يعرفون بجماعة "فتية التلال" التي جاء منها قاتل الفلسطينية عائشة الرابي رميًا بالحجارة قرب نابلس عام 2018.
أيضًا من أتباع الحاخام "كاهانا"، هو مئير إتنجر، الذي يُعدّ واحداً من غلاة المتطرفين في الوقت الحالي، إذ يدعو للعنف ويشرعنه كوسيلة لتحقيق غايتين: الخلاص من العرب وإسقاط الحكم الإسرائيلي الحالي، إذ يرى فيه حكمًا "علمانيًا كافرًا"، ومن ثم إقامة "إسرائيل التوراتية" على أنقاضه.
ووفقًا لرؤية "إتنجر" يجب أن يتصاعد العنف ويتأجج الصراع ليبلغ ذروته حتى تنهار الحكومة الإسرائيلية وتُخلق حالة من الفوضى، ومن ثم يمكن إقامة نظام حكم جديد منبثق عن الشريعة اليهودية.
وقد تم إلقاء القبض عليه إثر اتهامه في قضية إحراق عائلة "الدوابشة" عام 2015، والتي راح ضحيتها أربعة أفراد من الأسرة حرقًا، من بينهم طفل عمره عام ونصف، وكانت تلك الحادثة مثار اهتمام العديد من الصحف العالمية.
ومن أبرز منتسبي الحركة سابقًا، عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير، الذي ظهر اسمه على سطح الصراع مؤخرًا، وكان سببًا رئيسيًا لمواجهات عنيفة اندلعت بين الاحتلال والفلسطينيين في القدس والداخل المحتل والضفة الغربية.
"بن غفير" الذي يُعرف بمعاداته الشديدة للعرب درس المحاماة، وأصبح مدافعًا شرسًا عن كل من يعتدي على الفلسطينيين وممتلكاتهم، فدافع عن قتلة عائلة "الدوابشة" وقاتل "الرابي" وشخص آخر حاول حرق كنيسة في القدس.