قائد الطوفان قائد الطوفان

ضربة مزدوجة

الكاتب محمود المغازي
الكاتب محمود المغازي

محمود الغازي

هل الاحتلال نفسه مؤمن بحقيقة توحيد القدس؟!

هل الاحتلال مؤمن بنجاح مسيرة الأعلام ؟!

الجواب طبعا لا، بل لن يؤمن.

في الأعوام 2021 و2022 زادت القناعة عند الاحتلال أن توحيد القدس على أرض الواقع أمر مستحيل رغم محاولات فرض السيادة على الصعد كافة، إذ لم يجرؤ أي من المستوطنين على دخول شرق القدس بمسجدها المقدس و ببلدتها القديمة وبلداتها دون حماية شرطية وأمنية مكثفة، فكيف إذاً تكون القدس موحدة ؟!

الأحد الماضي كانت الصورة أكثر وضوحاً فيما يتعلق بسيادة "إسرائيل" على القدس.

صحيح أن حكومة الاحتلال والجماعات الاستيطانية واليمين واليسار تمكنوا من تنظيم مسيرة بالآلاف في شوارع القدس وفي منطقة باب العامود، إلا أنها ما فتئت أن تكون مجرد مسيرة أمنية وعرضاً عسكرياً بالأعلام سعت من خلالها "إسرائيل" إلى ترميم صورتها المهزوزة وتضميد جرحها العميق بفعل ضربات معركة سيف القدس والعمليات الفدائية المرتبطة بها في تل أبيب والخضيرة والسبع والنقب .

الغريب أن "إسرائيل" حكومة وأعضاء كنيست -حلفاء ومعارضين وجماعات استيطانية ومستوطنين- نفسهم غير مقتنعين بنجاح المسيرة ولا تحقيق أهدافها.

في حقيقة الأمر تمكنت المقاومة من محاصرة حكومة نفتالي بينت الضعيفة والمترددة في زاوية ضيقة وأدخلتها في أزمة ومأزق جديد بسبب المسيرة التي تحولت من تقليد سنوي هادئ واعتيادي إلى مسير عسكري مرتبك وخائف من العواقب .

ومن تجليات الأزمة الجديدة أن المسيرة انتهت فيما لازالت استخبارات وجيش وشرطة العدو في حالة استنفار واستنزاف ينتظرون الضربة والصفعة القادمة، فلا هم متأكدين من أين ستأتي ولا متى تأتي، لكنهم متأكدين أنها حقاً ستأتي.

نشر الاحتلال لـ38 كتيبة عسكرية وابقاؤها في حالة استنفار دائم لمتابعة ومراقبة جبهات شمال فلسطين والداخل المحتل والقدس والضفة وغزة سيكون له انعكاسات خطيرة على "إسرائيل" التي لن تصمد كثيرا وسينكشف ظهرها وخاصرتها سريعا.

ربما ستجد المنظومة الأمنية والعسكرية نفسها مجبرة للصراخ في وجه الحكومة والجماعات الاستيطانية ومحرك الشر بنيامين نتنياهو غضبا لأنهم أدخلوها في هذه الحالة من الاستنزاف وهي الأصعب بالنسبة لأي جيش في لعالم.

بكل الأحوال هذا انجاز للمقاومة ولغرفتها المشتركة التي راقبت وقْدرتْ الأمور بحكمة ومسؤولية وأوقعت بالعدو أمام تكتيك الضربة المزدوجة أو ما يعرف بالكماشة.

هذا التكتيك الذي استخدمته المقاومة وحماس رأس الحربة فيها ربما أقوى بكثير من اطلاق الصواريخ نحو العمق في هذه الفترة الحساسة، مع التأكيد أن هذه الصواريخ قد تنطلق في أية لحظة ترى فيها المقاومة أن الوقت حان والظروف سمحت.

البث المباشر