قائمة الموقع

الإبعاد عن القدس.. حرب على الحياة بحجة الملفات السرية

2022-06-04T19:54:00+03:00
أرشيفية
الرسالة نت- رشا فرحات

اعتاد المواطن المقدسي مراد العباسي أن يصحو يوميًا ليطل من نافذة بيته على بلدته سلوان، التي تعرفه بكل أزقتها.. آثار قدميه محفورة على أرض المدينة منذ اثنين وأربعين عاما، لكن الاحتلال يتجاهل ذلك فيطرده من البيت والشارع والمدينة ومن أحضان أبنائه إلى المجهول.

وحيدًا، أُجبر العباسي على ترك بيته الذي عاش فيه عقوداً، ليكمل حياته دون زوجته وأولاده، إلى الضفة الغربية، التي تبعد كيلومترات قليلة عن مدينته الأم، لكن الجدار العازل يجعلها آلافاً، ليستحيل عليه منذ اليوم أن يكلم أبناءه وزوجته أو يقابلهم.

على مائدة الطعام الأخيرة في بلدة سلوان، مسقط رأسه، تناول طعامه، وودع أحبته في مقطع فيديو تداوله نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي أظهر لقطات مؤثرة لأطفال يبكون حزناً على فراق والدهم.

ورصد المقطع المصور محاولة أفراد الأسرة إخفاء دموعهم وتأثرهم وهم يرددون “الله معك الله معك ويسهل عليك، الله ينتقم منهم”، فيما يحاول هو التخفيف عنهم وطمأنتهم وسط أجواء من الحزن والأسى.

يقول العباسي وهو يحكي تفاصيل إبعاد لا يعرف سببه: "تزوجت في القدس وأنجبت وأخذت تصريح لم الشمل في 2015 عن طريق الداخلية (الإسرائيلية) وقضيت مع أسرتي حياة طبيعية، لكن في 2021 أوقفت داخلية الاحتلال لم الشمل مدعية أن هناك مشاكل أمنية: "ملف سري"!

في أكتوبر من العام المذكور -يتابع العباسي- كنت في جنازة أحد أقاربي في الأقصى وأوقفني الجنود وأخذوني إلى الشرطة، وبعدها تفاجأت بإيقاف جديد في مكان آخر، ثم توجهت للشرطة لأستفهم عن أسباب توقيفي بين الوقت والآخر.

بعدها بشهر واحد – يضيف العباسي: "كان لدي مقابلة لتجديد لم الشمل، لكنني تفاجأت بتوقيف كامل للم الشمل، بادعاء أنني قمت بأفعال لا تحترم "دولتهم"، حسب زعمهم.

وأضاف أعطوني فرصة شهر حتى أحضر محامي دفاع لجلسة استماع لكن ردهم بعد أسبوعين كان قرار إبعاد لا أعرف سببه حتى الآن.

المحلل المقدسي ناصر الهدمي تعرض للإبعاد بنفس الطريقة وتطبيقاً للسياسة التنكيلية، حسب وصفه، التي بدأت بالشخصيات السياسية والنضالية.

ويحذر الهدمي من خطورة ممارسة هذه السياسة ضد المواطن المقدسي العادي دون سبب، حسب حكم صادر من المحكمة العليا يعطي وزير الداخلية حق سحب المواطنة الدائمة من أي مواطن مقدسي مع معايير مبهمة أو فضفاضة حول "الولاء للدولة"، و"تهديد الأمن القومي".

ويتساءل الهدمي مستنكراً: كيف يطلب من مقدسي أن يكون لديه ولاء لاحتلال؟! وكيف يكون تهديداً للأمن القومي؟ وعندما يفشل يلوح الاحتلال بالملفات السرية.

والهدمي ممنوع من دخول الأقصى، بل حددت له الداخلية (الإسرائيلية) مسيره اليومي بسيارته فور الخروج من منزله، دون دخول بعض المناطق في القدس الشرقية.

ولفت في مقابلة مع الرسالة، إلى أن الاحتلال يبعد بعض الشخصيات قسريا كما حدث مع نواب القدس، وإذا رفضوا سيمنعون من السفر أيضاً، وبالتالي سيبقون معلقين دون هوية محددة.

ويذكر الهدمي أن حجة الملفات الأمنية التي يطبقها الاحتلال على الاعتقال الإداري أيضا هي دليل على أنه لا توجد قضية أو تهم محددة ضد المبعدين.

ويعتبر الإبعاد سياسة ممنهجة بدأت منذ احتلال القدس في عام 1967 حينما نفى الاحتلال 1442 مقدسياً وسحب هوياتهم للأبد وبلغت هذه الهجمة ذروتها في عام 2008 إذ طالت 4577 مقدسياً.

وفي آخر إحصائية لمركز الإحصاء الفلسطيني مع نهاية عام 2020 يكون الاحتلال قد أبعد عن المدينة 14701 مقدسياً دون رجعة.

ومن الجدير ذكره أن هذه الأرقام تستند بشكل أساسي على ما تعلنه وزارة داخلية الاحتلال رسميًا، وتشمل الفترة ما بين 1967 وحتى 2020، مشيراً إلى أن الأخطر أن هذا الرقم يشمل هويات لأرباب أسر ما يعني سحب هوية جميع الأبناء والأفراد المسجلين فيها، كما يعني أن عدد الأفراد الذين سحبت هوياتهم أعلى من الأرقام المسجلة.

اخبار ذات صلة