بينما كانت سلطة حركة فتح مشغولةً في إثبات حياة رئيسها محمود عباس بالمكالمة والمايك، حققت (إسرائيل) اختراقًا حقيقيًا في جدار الدبلوماسية الدولية، بتعيين مندوبها في الأمم المتحدة نائبًا لرئيس الجمعية العامة.
وكان سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، قد انتخب الثلاثاء الماضي، لمنصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تم التعيين بالتصويت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وسيتولى "أردان" منصبه لمدة عام بدءاً من سبتمبر القادم عندما ينعقد المجلس في دورته السنوية. وسيكون واحدا ًمن 21 نائباً للرئيس خلال الدورة السنوية.
وبصفته نائب الرئيس، سيرأس "أردان" اجتماعات الجمعية العامة وسيشارك جزئيًا في وضع جدول الأعمال للاجتماعات، يأتي التعيين بعد مساع (إسرائيلية) لتوسيع دورها ونفوذها في الأمم المتحدة، بعد عقود من منعها القيام بأدوار رئيسية.
وتعد (إسرائيل) نفسها حققت إنجازًا دبلوماسيًا ساحقًا في هذا التوقيت الذي تواجه فيه انتقادات واسعة على الساحة الدولية، بسبب الاعتداءات في الضفة المحتلة والتي كان أبرزها قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة الشهر الماضي، وكذلك التقرير الأخير لمجلس حقوق الإنسان، وغيرها من التقارير الدولية الذي أدانت (إسرائيل).
وقبل أشهر قام "أردان"، بتمزيق تقرير لمجلس حقوق الإنسان الأممي لإدانته (إسرائيل) بانتهاكات ضد الفلسطينيين.
وفي التعقيب على ذلك، قال صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني:" إن هناك تراجعًا في أداء السلطة والدبلوماسية الفلسطينية في التصدي لتقدم الاحتلال في الساحة الدولية والتي كان آخرها تعيين أردان نائبًا لرئيس الجمعية العامة".
وأضاف عبد العاطي في اتصال هاتفي مع "الرسالة"، "أن هذا التراجع الملحوظ نابع من غياب الخطة الاستراتيجية لتدويل الصراع والتصدي لدول غرب أوروبا التي لا تزال تصدر (إسرائيل) في معظم الترشيحات في المنظمات الدولية، والتي كان منها اللجنة القانونية في الأمم المتحدة وعضوية لجنة هامة في اتحاد البرلمانين الدولي".
ولفت إلى غياب الخطط للتصدي لهذه الأحداث وقطع الطريق على دولة الاحتلال من خلال تبني قرار بمقاطعة وفرض العقوبات على الاحتلال من خلال الجمعية العامة، وفي ذلك أهمية لوقف حالة التطبيع ونسج العلاقات مع الاحتلال.
وبيّن أن على السلطة البحث عن مسار جدي لإحالة انتهاكات الاحتلال لمحكمة الجنايات والضغط على مكتب الادعاء للبدء في فتح التحقيقات اللازمة، وطلب الحماية الدولية بصفتنا شعب واقع تحت الاحتلال، وفي ذلك رد عملي على تصدر الاحتلال.
وأشار إلى أن استمرار الرهان على أوسلو وعلى مسار التسوية وأوهام المفاوضات يعني استمرار الدبلوماسية الفلسطينية في التراجع، وهذا يستدعي نقل الوظيفة السياسية من السلطة للمنظمة بعد إصلاحها، والبحث عن خطوات جادة للتغيير الشامل في السياسات والشخوص عبر الانتخابات الكاملة لكل مكونات السلطة والمنظمة.
من جهته، قال الباحث المختص في الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر إن تعيين مندوب الاحتلال يكشف مجددا عن غياب الدبلوماسية الرسمية في الساحة الدولية، ويعبر عن مأزق حقيقي يواجه الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية أساسه ضعف الحضور وقلة الفعالية والإحجام عن التحرك الفاعل وعدم أخذ زمام المبادرة والاكتفاء بنوع من التحركات الاستعراضية لاستخدامها في الشأن الداخلي فقط.
وأضاف شاكر في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أنه كان بإمكان الدبلوماسية الرسمية الفلسطينية إجراء تحركات استباقية قبل أن يقع الحدث، وأن تقوم بحملة مضادة، باستخدام الرصيد الذي يدعم فلسطين في الجمعية العامة، من مجموعات عربية وداعمين دوليين.
وأشار إلى أن المواجهة الدبلوماسية مع الاحتلال تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، واستخدام الأوراق القوية كالتوجه إلى محكمة الجنايات، وفضح جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة.