أفرج الاتحاد الأوروبي عن أموال المساعدات المالية للسلطة، بعد قرابة عام ونصف على توقفها، وهو ما يعيد للأذهان الاستفسار عن مستقبل الوضع المالي للسلطة.
وتمر السلطة بأزمة مالية خانقة، دفعت بالمديونية لمستويات قياسية، في ظل تضخم الرواتب وانعدام الأفق في أي مدخلات مالية إضافية.
ويرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن الأزمة المالية للسلطة أعمق من أن تنتهي باستئناف ضخ المساعدات، وأن انتهاء الأزمة بحاجة لاستراتيجية تنموية شاملة.
أزمة عميقة
بدوره، قال الأكاديمي والمختص في الشأن الاقتصادي، الدكتور نائل موسى إن عودة المساعدات الأوروبية لن تحل الأزمة المالية للسلطة، لكن من المؤكد أنها ستخفف قليلا من حدة الأزمة.
وأوضح موسى في حديث لـ "الرسالة نت" أن الوضع الاقتصادي القائم عقيم، وفرص التنمية ضعيفة، "وكذلك حديث إضافة أعداد العمال في الداخل المحتل هي عبارة عن "إبر بنج" ولن تخلق اقتصادا حقيقيا".
وشدد على أن الاستراتيجية المالية قائمة على مواقف تتخذها السلطة ولا تغضب (إسرائيل)، وهو ما يعمّق الأزمة المالية للسلطة.
ولفت موسى إلى أن عودة المساعدات بمثابة محاولة إنعاش وإبقاء السلطة على قيد الحياة فقط، لافتا إلى أن المساعدات المالية للسلطة لن تعود للعصر الذهبي كما كان في سابق عهدها.
وبيّن أن الأزمات المالية ستبقى تُرحّل من حكومة لأخرى وتتضخم مع مرور الزمن في ظل عدم وجود حلول استراتيجية وتنموية.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي الإفراج عن مئات الملايين من اليورو كمساعدات للسلطة، حيث ساهم التأخير الذي استمر شهوراً، بأسوأ أزمة مالية للسلطة، التي تعتمد على المساعدات بصفة رئيسية.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن أموال عام 2021 يمكن "صرفها بسرعة" بعدما التقت بمسؤولين في السلطة.
وكان الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الدول الأوروبية والمؤسسات الأخرى، من أكبر الداعمين لها، حيث يقدم حوالي 600 مليون يورو (627 مليون دولار) سنوياً.
لكن منذ عام 2020، لم يجر تسليم جزء كبير من تمويل الاتحاد الأوروبي -بقيمة حوالي 215 مليون يورو- بسبب مخاوف المسؤولين بشأن الكتب المدرسية الفلسطينية.
ويتفق المختص في الشأن الاقتصادي، الدكتور أسامة نوفل، مع سابقه، في أن الوضع المالي للسلطة في أزمة لن يحلها ضخ بعض المساعدات.
وقال نوفل في حديث لـ "الرسالة نت" إن المصاريف الضخمة والرواتب الكبيرة في ميزانية السلطة تعمّق الأزمة شهرا بعد الآخر، "والخطط التقشفية التي تعلن عنها الحكومة هي حبر على ورق".
وأوضح أن المطلوب من الحكومة، تقليل التبعية للاقتصاد (الإسرائيلي) بشكل تدريجي، وصولا إلى الاستقلال المالي، "وأن نوجّه المساعدات للمشاريع التنموية والاستثمارية وليس المساعدات الاستهلاكية".
ودعا لضرورة إيجاد رؤية اقتصادية واضحة، تضمن تخفيض الديون المتراكمة على ميزانية الدولة، "وتقليل المصاريف والنفقات التي تُصرف دون وجه حق".
ووفق بيانات صادرة عن وزارة المالية برام الله، وصل رصيد الدين العام مبلغ 3.7 مليار دولار (11.6 مليار شيكل)، مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، دون احتساب المتأخرات.