أكد الباحث الحقوقي عمار أبو جاموس أن السلطة كنظام سياسي لم ترغب منذ البداية وغير قادرة أصلاً على تحقيق العدالة لنزار بنات وعائلته، ولا تستطيع في المقابل أن تضمن محاكمة عادلة للمتهمين.
وأضاف أبو جاموس، وهو محام يعمل في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن المحاكم ببساطة غير مستقلة، لأن الأجهزة الأمنية لا تطبق القانون على الجميع، ولأنها تمتنع عن تنفيذ أحكام المحاكم عندما لا تروق لها، ولأن القائد الأعلى للقوات الفلسطينية الرئيس أبو مازن، يستطيع بموجب القانون وفي أي وقت أن ينقض حكم المحكمة العسكرية ويغيره.
وتساءل في مقال له: "ماذا يعني ذلك؟ يعني أن هذا الملف (ملف نزار بنات)، بوصفه انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، سيرحب به كثيراً على طاولة المحاكم الدولية إن بقي الحال على ما هو عليه كجريمة ضد الإنسانية، كما يمكن أن يكون محل ترحيب من قاضٍ في لندن، أو قاضية في بروكسل، أو في برلين أو مدريد."
وفي جميع الأحوال، يعتقد أبو جاموس أنه سيفتح الملف من جديد ومن الألف إلى الياء عندما تكون الظروف مناسبة، ويقصد بالظروف المناسبة، أجواء العدالة الانتقالية في فلسطين، التي تعقب نهاية النظام المتهم في قتل نزار بنات وتسبق تشكيل نظام سياسي ديموقراطي، في تلك الأجواء ستظهر جميع الحقائق، وستتم محاكمة الأسماك الكبيرة بوشاية من سمكة صغيرة أبرمت معها صفقة بوعدها تخفيف عقوبتها إلى النصف إن هي قصت القصة كاملة وذكرت الأسماء كافةً.
وتابع "حتى ذلك الوقت، وإن كنا نرغب في تجنب المحاكم الدولية، وإن كنا نرغب في تحقيق العدالة، وفي إعطاء كل ذي حق حقه، وإن كنا نرغب في مرور أجواء العدالة الانتقالية التي ستأتي أخيراً بهدوء، على السلطة الفلسطينية وعلى لسان الرئيس محمود عباس "أبو مازن" أن تعلن تحملها المسؤولية الكاملة عن جريمة مقتل نزار بنات مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتقديم اعتذار علني لعائلته وأصدقائه وللشعب الفلسطيني، وتعويض عائلته، واعتباره شهيد، وتشييد نصب تذكاري له، وإحياء ذكراه السنوية، مع تعهد بعدم التكرار، وإجراء تحقيق شفاف ومهني ومحايد ومستقل في مقتله واطلاق النار على بيته، ونشر الحقائق كافة للناس، ومحاكمة جميع المتورطين في قتله وإطلاق النار على بيته."
وختم بالقول "غير ذلك، يبقى الشك كبير بأن قتله كان عن سبق إصرار وترصد، وبقرار من فوق. وأننا سوف نبقى ننتظر إلى أن تأتي الحقائق كاملة غير منقوصة ذات يوم."
وكانت السلطة الفلسطينية شكلت لجنة تحقيق في استشهاد بنات قبل عام، برئاسة وزير العدل الذي أعلن عقب انتهاء التحقيق أن سبب وفاة بنات “غير طبيعي”.
وبدأت محكمة عسكرية محاكمة 14 شخصًا متهمين في القضية في 14سبتمبر/أيلول الماضي، بحضور ممثلين عن مؤسسات حقوقية.
ووجهت النيابة العامة العسكرية الفلسطينية إلى الموقوفين في جلسة عقدت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي تهمة “الضرب المفضي إلى الموت”.
لكن الأجهزة الأمنية أفرجت مؤخرا عن رجال الأمن الـ14 المتهمين بمقتل نزار بنات، وفق إجازة حتى تاريخ 2 يوليو/ تموز المقبل، بذريعة متابعة أوضاعهم الصحية وإجراء الفحوصات اللازمة لهم، بعد ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في مركز الإصلاح والتأهيل مع وجود اكتظاظ في مراكز تأهيل وإصلاح الجنيد وأريحا، وهي ذريعة لم تقنع المؤسسات الحقوقية.