وكأن المواطن الفلسطيني ينقصه مزيدا من الضربات على رأسه، فما إن يستفيق من أزمة، تلحقه أخرى، بينما تتلقفه أمواج الغلاء وارتفاع أسعار السلع، وتُلقي به في مهاوي الردى.
وإن كان من الصعوبة بمكان إقناع المواطن المطحون بمبررات الغلاء الفاحش لمعظم السلع في الأسواق، وربطه بالغلاء العالمي، فكيف يمكن إقناعه بزيادة رسوم الخدمات التي تقدمها حكومة محمد اشتية، بشكل يفوق المنطق والخيال.
أي ذرائع ومبررات يمكن أن تسوقها حكومة اشتية لتبرير قرارها في جلستها الأخيرة بتنسيب من رئيس مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار على تعديل جدول رسوم المحاكم النظامية، وزيادتها بشكل جنوني؟.
ونعيد هنا استعراض ما نشره موقع "الاقتصادي" حول ارتفاع رسوم بعض القضايا والدعاوى بمختلف أشكالها بصورة كبيرة، تصل إلى 100 ضعف، كرسوم الطلبات المستعجلة التي قفزت من دينارين الى 200 دينار، وفقا لما ذكره الزميل فراس الطويل في تقرير نشره على موقع الراصد الاقتصادي.
وحسب التقرير فقد كان الحد الأدنى للرسم أمام محاكم البداية 500 دينار لكنه تضاعف في الجدول الجديد الى 2500 دينار.
وبخصوص الحد الأدنى للرسم أمام محاكم الصلح، الذي كان 10 دنانير، فإنه أصبح يصل الآن إلى 50 دينارا، والحد الأعلى ارتفع من 100 الى 1000 دينار. وبعض القضايا التي كانت تخضع للحد الأدنى أصبح صاحبها ملزما بدفع الحد الأعلى.
ومن الأمثلة الأخرى، فإن رسوم دعوى إخلاء المأجور التي كانت 10 دنانير أصبحت تصل في الجدول الجديد إلى 1000 دينار.
وارتفعت رسوم دعاوى تغيير الاسم، وقد ارتفعت رسومها من 10 دنانير لتصبح 100 دينارا، أما رسوم طلبات وقف البناء فقد ارتفعت من دينارين إلى 200 دينار.
وبالنسبة لتصديق الأحكام التي كانت عملية تصديق النسخة الأولى من الحكم مجانية فقد أصبحت بعد التعديلات تساوي نفس رسم الدعوى بحد اقصى قدره 250 دينارا، وتصديق الحكم بشكل عام ارتفع من دينارين إلى 25 دينار، كما وارتفعت الطعن في قرار رئيس التنفيذ بشأن تنفيذ حكم من 5 دنانير في قضايا محاكم الصلح إلى 100 دينار وفي قضايا محاكم البداية ارتفعت الرسوم من 10 الى 250 دينارا.
وارتفعت رسوم التبليغ عن حكم صادر عن محكمة نظامية أو شرعية أو دينية أو سند قابل للتنفيذ من دينارين إلى 10 دنانير.
زد على ذلك إعلان وزارة النقل والمواصلات في الضفة أنها ستبدأ مطلع الشهر المقبل بسحب كل أرقام المركبات المسجلة على النظام القديم، تمهيدا لدخول نظام الأرقام المميزة حيز التنفيذ.
وبالنسبة للتكلفة المالية، بحسب موقع "الاقتصادي" يتوجب على كل صاحب مركبة يستهدفها القرار، استصدار لوحة جديدة بقيمة 82 شيكل (70 شيكل للدينمو، 10 شيكل لدائرة السير، 2 شيكل عمولة بنك).
وبحسب التقديرات، فإن قرار تحويل اللوحات يستهدف قرابة 170 ألف مركبة تحمل لوحات تسجيل بالنظام القديم. ما يعني أن المواطنين سيدفعون قرابة 14 مليون شيكل، وفق التقديرات.
ولا يمكن فهم هذه القرارات التي جاءت في ظرف حساس بالنسبة للمواطن الذي يكافح للعيش بكرامة في ظل الغلاء الفاحش، إلا أنها جاءت لتعبر عن أنانية مفطرة للحكومة التي لا تفكر إلا بكيفية زيادة خزينتها، ولو على حساب المواطن المطحون أصلا.
فبدل ان تقوم الحكومة بخطوات تخفف عن كاهل المواطنين، تزيد همه هما، وتشفط ما تبقى من مال زهيد في جيوبه المثقوبة، ما يدفعنا للسؤال: من يفكر للحكومة؟، وهل فعلا يعيش واقع الناس ويتأثر به؟.