الرسالة نت– مها شهوان
في ليلة حالكة السواد من ليالي جنوب القطاع هز أرجاء المنطقة صوت الرصاص و أفاق سكانها على وقع أزيزه وذلك حينما وقعت جريمة قتل بين أبناء العم راح ضحيتها 3 إخوة لقوا مصرعهم في عشية وضحاها.
تعود بدايات الجريمة إلى وقوع خلافات بين احد أبناء العم وشخص غريب على قطعة ارض وحسابات مالية لكن تحول الأمر لخلاف عائلي دام لخمس سنوات ما بين المشاحنات والمناوشات حتى وصل الأمر في إحدى المرات لإعلان احدهم براءته من الآخر لكنهم عادوا لرشدهم حينما تمت المصالحة بعد تدخل وجهاء من عائلات أخرى.
وبعد شهر من آخر تصالح بين الطرفين استفز أحد الشباب ابن عمه مما دفع والد الأخير وإخوته ليترصدوا له بعدما بيتوا النية لقتله واعدوا الأسلحة النارية وسيارتين لمراقبته.
الضحية واثنان من إخوته كانوا يعملون في محل تجاري وبعدما انتهى عملهم عادوا إلى بيتهم مشيا على الأقدام حينها تسلل لهم أبناء عمهم وزجوهم في سيارة واقتادوهم الى منطقة خالية وأطلقوا وابلا من الرصاص على اثنين منهم لترتقي روحاهما للسماء بينما اقتادوا الثالث في بيت أحدهم وكبلوه وعذبوه دون أن تشفع له توسلاته.
وبعد ساعات من التعذيب والصدمة التي أصابته بعدما رأي إخوته يقتلون أمام عينيه قتله عمه برصاصة في عنقه، ثم مثلوا بجثته ووضعوها في كيس ثم رموها في حاوية للنفايات.
تلك الحكاية ليست من محض الخيال بل قصة واقعية نبشت عليها "الرسالة نت" من ملفات القضاء التي تعج بها المحكمة العليا بغزة.
الإعدام شنقا
ولم تمض بضعة أيام حتى ألقت الشرطة القبض على الجناة الفارين من العدالة وحينما عرضوا على الشرطة والنيابة أصروا على إنكار جريمتهم لكن بعد التحرريات أظهرت بعض الدلائل تورطهم في الجريمة حينها أقروا بفعلتهم النكراء.
وبعدما أثبت الطب الشرعي وقوع جريمة القتل وآثار التعذيب الظاهرة على أجساد المغدورين الثلاثة، طالبت النيابة العامة بإعدام الجناة شنقا كونهم اتفقوا مسبقا على إزهاق روح بريئة.
وبعد مداولات في القضية جاءت اللحظة الحاسمة لمحاكمة الجناة فوسط قاعه المحكمة بات الجميع يترقب الحكم الذي سيصدره القضاة وبعد لحظات صمت أعلن القاضي الحكم قائلا:"باسم الشعب الفلسطيني حكمت المحكمة بالاكتفاء بحبس المدانين مدة توقيفهم وتغريم كل واحد منهم بغرامة مالية قدرها 3 ألاف شيكل والحبس لمدة سنة وذلك من جميع التهم الموجة لهم في لائحة الاتهام".
ذلك الحكم لا يمكن وصفه بالجائر فهو جاء بعدما تمت المصالحة بين الطرفين والاتفاق على تقديم الدية والتنازل عن القضية لحقن دم العائلة.
دم المقتول
وتعقيبا على الحكم الصادر في القضية السابقة قال القاضي أشرف فارس رئيس محكمة بداية غزة : "حسب قانون العقوبات فان القتل قصدا عقوبته الإعدام شنقا حتى الموت لاسيما إذا كانت الظروف مشددة في ارتكاب الجريمة"، مضيفا :طرأ تعديل على قانون العقوبات من قبل المجلس التشريعي الحالي فهو في حالة دفع الدية لأهل المغدور تخفف العقوبة وجوبا على المحكمة.
وأشار خلال حديثه إلى أن هناك الكثير من قضايا القتل التي تصل للمحكمة ولم تتم المصالحة حيث يتم الحكم فيها بالمؤبد ،لكن المحكمة تعطي الفرصة لولي دم المقتول لتتم المصالحة ويطالب بالدية حسب العرف الدارج ، موضحا أنه في بعض القضايا يتنازل ولي الدم عن حقه المدني ويطالب القانون الذي يحكم له بالإعدام في بعض الأحيان.
وأوضح القاضي فارس أن الفعل الذي يرتكب وفيه تمثيل بالجثة وكثرة الجناة الذين يتكالبون على الضحية لشل قدرتها وليجهزوا عليها بصورة كاملة تتساوى العقوبة بين المدانين، لافتا إلى أن المحكمة تأخذ بعين الاعتبار المصالحة بين الأطراف لتخفيف الحكم بالإضافة إلى تطييب خاطر أهل المقتول والظروف الخاصة لكل مدان.
شهية القتل
ومن ناحية نفسية ذكر الأخصائي النفسي د. درداح الشاعر أن الإنسان في حال الانفعال يكون بلا عقل وغير مسيطر على سلوكه وبالتالي يصبح كالإنعام كما وصفهم القرآن، موضحا أن الآدمي إذا تركزت فيه انفعالات الشر والطمع يفقد السيطرة على أعصابه ويصل به الحد للقتل والتمثيل في الجثة.
وبحسب الشاعر فان الإنسان الطماع لا يرتاح لغاية معينة ويبتعد عن القيم والسلوكيات الطيبة التي يتبناها المجتمع وذلك لأنه بسبب طمعه يصبح مجنونا عقليا،لافتا إلى أن علاج تلك الحالات الشريرة يكمن في جعلها عبرة لغيرها من خلال إنزال اشد العقوبات القانونية.
وطالب بعدم إبراز قضايا التنكيل باعتبارها أعمالا بطولية إنما السعي لجعلها وصمة عار على جبين كل إنسان، داعيا إلى نشر المحبة والإخاء بين الناس للمحافظة على المجتمع.
واعتبر الشاعر أن قضية سجن الجاني في حالة القتل والتمثيل بالجثة قد تكون حكما طويلا في إقلاعه المستقبلي لكنها ربما تكون سببا لفتح شهيته نحو القتل.
في حين أكد أستاذ الشريعة الإسلامية د.ماهر السوسي أن القتل محرم شرعا والتمثيل بالجثث جريمة أخرى نهى الإسلام عنها عبر النصوص الشرعية منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم "كسر عظم الميت ككسره حيا "، موضحا أن التمثيل بالجثة جريمة يعاقب عليها الإسلام سواء ارتكبت بحق المسلمين أو غيرهم لان رب العالمين كرم الإنسان حيا وميتا.
وأضاف :"القتل في الإسلام إذا كان عمدا عقوبته القصاص وليس السجن ،بينما غير المتعمد فعليه دفع الدية لورثة المقتول لتقليل عقوبة الآخرة"، مؤكدا أن السجن ليس عقوبة شرعية.
وفي الختام عليك عزيزي متابع ملفات القضاء الاستفادة وإسداء النصائح للآخرين وليس القراءة فقط وذلك ليعم الأمن والأمان والمحبة داخل مجتمعنا المحافظ بدلا من الجريمة.