قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: المتغطي بأمريكا عريان

فادي رمضان
فادي رمضان

فادي رمضان

زيارة الأراضي المحتلة بالأمس للرئيس الأمريكي جو بايدن في محطته الأولى لجدول زيارته لمنطقة الشرق الأوسط، ليصبح الرئيس السابع الذي يزور الكيان الصهيوني، وتعتبر هذه الزيارة الأولى له بعد توليه الرئاسة قبل عامﹴ ونصف لمعالجة عدد من الملفات الأمنية والاقتصادية، بعد التحديات التي واجهتها واشنطن منذ الحرب الاوكرانية، وتأتي أهمية هذه الزيارة للولايات المتحدة وعدد من دول المنطقة لعدة أسباب أبرزها:

-سيعزز الرئيس الأمريكي دعم الكيان اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وتتميم تطبيع العلاقات العربية الصهيونية، ودعم اندماج الكيان في المنطقة بشكل أوسع، وكذلك تحريك الملف السياسي بين السلطة والكيان ودعم حل الدولتين على حد زعمهم والذي تتبناه الولايات المتحدة تصريحا فقط دون أي ضغط على حكومات الاحتلال، والتي لم تقدم للقضية الفلسطينية أي جديد سوى دعم الاحتلال بالسلاح المتطور والمنظومات العسكرية الحديثة لممارسة القتل والدمار في المنطقة العربية ومزيدا من الحروب على الشعب الفلسطيني.

-أنها الأولى بعد قطيعة للسعودية دامت منذ عملية اغتيال الناشط السياسي السعودي جمال خاشقجي في تركيا في 2 أكتوبر عام 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول، وقد أشارت التحقيقات حينها لتورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعملية الاغتيال، واعتبرت الولايات المتحدة ان هذا العمل انتهاكا لحقوق الانسان، وتوعد بايدن في حملته الانتخابية على أن يجعل السعودية "دولة منبوذة".

-الحرب الروسية الأوكرانية وعدم اتخاذ دول الخليج موقف منحاز للولايات المتحدة والغرب ولم تدين دولة الامارات الغزو الروسي في الأمم المتحدة في جلسته المنعقدة يوم الخميس الموافق 7 نيسان/ أبريل، كما أن الغرب لم يتمكن من اقناع دول الخليج على زيادة إنتاج النفط والغاز لتجنب آثار إبعاد النفط الروسي عن الأسواق، ولم يتمكن من إقناعها بالالتزام بالعقوبات.

-شعور الولايات المتحدة بعد اتخاذها قرار فك الارتباط بالشرق الأوسط لعدم وجود ما يستدعي وجودها، بأنها ستترك المنطقة لروسيا العائدة بقوة للساحة الدولية بعد تصريحي كلا من بوتين (بانتهاء القطب الواحد)، والرئيس الصيني (بأنه مستعد لملء الفراغ بالقيادة العالمية)، وعلى ما يبدو أن الولايات المتحدة سوف تعيد ترميم العلاقات وتجدد سياستها بعد أن شعرت بالخطر الذي لحق بمصالحها وبالذات بعد أن فشلت بالضغط على السعودية لزيادة انتاجها من النفط والغاز بعد الحرب الأوكرانية.

-الملف النووي الإيراني وانسحاب الجمهورية الايرانية من المفاوضات، وعودت الولايات المتحدة بتهديد دول الخليج بهذا الملف والذي يشكل خطرا على مصالح دول الخليج -على حد زعمهم-ومنع أي تقارب ممكن أن يحدث مع إيران لصالح الكيان الصهيوني الذي يتقدم بخطى ثابتة وسريعة باتجاه التعاون الأمني والعسكري مع دول الخليج على غرار التعاون السياسي والتطبيع مع دولة الامارات والبحرين.

ومما سبق يتضح أن الولايات المتحدة تخلت عن تصريحاتها بشأن مقتل خاشقجي "على الرغم من احتمالية تعرضها لانتقادات واسعة من مؤسسات حقوق الانسان وغيرها" لصالح مصالحها الخارجية التي بدأت تتأثر وتتراجع بشكل كبير، محاولة بذلك ترميم العلاقات مع دول الخليج العربي والتي ازدادت أهميتها بشكل كبير بعد الحرب الأوكرانية، وكذلك تطويق روسيا والصين وعزلهما عن المنطقة، وعدم السماح لهما بالتمدد وبناء تحالفات جديدة، فيما ستستغل السعودية ذلك في اغلاق ملف خاشقجي ودعم ولي العهد محمد بن سلمان في المرحلة المقبلة والحفاظ على العلاقات بين البلدين.

وعلى الصعيد الفلسطيني فإن السلطة الفلسطينية تنتظر هذه الزيارة بكل شغف حيث أنها تأتي بعد العزلة السياسية التي تعيشها السلطة، والوضع الصحي لرئيس السلطة محمود عباس، وعدم سيطرت السلطة على مناطق الضفة الغربية، واستباحت أراضي الضفة من قبل قوات الاحتلال، ويتضح أن هدف السلطة من هذه الزيارة كما سابقاتها من زيارات رؤساء الولايات المتحدة للمنطقة-والتي لم تجلب الخير للمنطقة سوى الوعود الواهية والتي لا تخدم القضية الفلسطينية- ألا وهي البحث عن امتيازات شخصية لقيادتها تؤهلهم لمناصب قادمة بعد التغييرات السياسية المتوقعة في مرحلة ما بعد عباس وتزكية الشخصية البديلة لعباس والمرضي عنها أمريكيا واسرائيليا.

بينما لا ترحب حركة حماس والفصائل في قطاع غزة بهذه الزيارة للأسباب التالية:

- مثل هذه الزيارات لا تجلب إلا الدمار للقضية والشعب الفلسطيني والمزيد من التنازلات المطلوبة.

-تعزز شوكة الاحتلال في التغول على الدم الفلسطيني من خلال الدعم السياسي للمحتل والأمني والعسكري، حيث أنه حسب التقارير سيقوم بجولة على منظومة القبة الحديدية والتي تمول واشنطن جزء منها، والتي تغلبت عليها المقاومة الفلسطينية في بعض الأحيان في معركة سيف القدس.

-سيقوي ويدعم بناء الحلف بين الكيان ودول المنطقة ضد محور المقاومة بالمنطقة.

 -سيسخن علاقات التطبيع بين السعودية والكيان ودول المنطقة والذي إن تم سيكون أكبر خطر على القضية الفلسطينية.

ولذلك على الفصائل الفلسطينية تعرية هذه الزيارة، وكشف زيفها، ومناشدة كل الأطراف لمقاطعتها، وتحميل جميع الأطراف المشاركة نتائج هذه الزيارة على القضية الفلسطينية، فهدفها فقط الحفاظ على المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة دون النظر لمصالح الشعوب في المنطقة.

البث المباشر