يوما بعد يوم، تتعمق وتكبر الفجوة بين المجتمع بكل مكوناته وبين الحكومة والسلطة، من خلال تعمق الخلافات والرؤية وطريقة التعامل مع القضايا المختلفة. فالوضع الطبيعي والمنطقي أن يكون هناك انتخابات عامة للمجلس التشريعي والرئاسة وثم المنظمة، والوضع الطبيعي أن تقوم المحكمة الدستورية بدورها كحامية للشرعيات وتطبيق القانون الأساسي وحماية المكونات السياسية والمؤسساتية.
ولكن ما نشهده وبشكل واضح هو تغول السلطة التنفيذية على القضائية والتشريعية، ففي القضائية فرض القوانين على الجسم القضائي التي تم رفضها من قبل نقابة المحامين وكافة النقابات والقوى الداعمة لها، فهذه القرارات تؤثر وبشكل مباشر على جميع أفراد المجتمع.
وهذه القوانين بحاجة للإقرار من المجلس التشريعي، لكنه مغيب، فأين الدور الشعبي والمؤسساتي في تحديد مسار القانون والمجتمع؟ والسلطة التنفيذية حلت المجلس التشريعي وألغت الانتخابات العامة وحلت القرارات بقوانين مكان القرارات التي يجب أن يتم بحثها وإقرارها من قبل الشعب وبالانتخاب المباشر، كذلك تم إلغاء الدور الرقابي للمجلس التشريعي على أداء الحكومة وكافة الدوائر الرسمية، فأصبحنا ضمن منظومة سياسية تفتقر إلى أدنى معالم الديموقراطية والحرية.
عندما حاولت نقابة المحامين أخذ دورها الطبيعي تم مواجهتها ورفضت مطالبها، واستمر التشنج في الحوار لنشاهد إضرابا غير مسبوق من قبل المحامين وصل حتى التلويح بمغادرة المزاولة إلى سجل المحامين بما ينذر بكارثة على المستوى القانوني والحقوقي في البلد إذ بعد أن أصبحنا بدون سلطة تشريعية فنحن نتجه إلى أن نكون بدون سلطة قضائية، ناهيك عن إضراب المهندسين والحالة الاقتصادية العامة.
ما نشهده اليوم حالة من الفوضى و تنامي الاعتداءات و الحالة الأمنية المتراجعة و التي تنذر بالعودة للفلتان الذي بدأت مظاهره تتضح للعيان أيضا في ظل غياب القانون و عدم حمايته و فرضه على الجميع و الذي كان آخره اليوم بالاعتداء على الدكتور ناصر الدين الشاعر الشخصية الوطنية المعروفة بحرصها على الوحدة و مواجهة الانقسام شفاه الله، و هنا لا بد من التحرك الفوري من قبل الأجهزة الأمنية لاعتقال الفاعلين و تقديمهم للقضاء ويبقى السؤال أين هو القضاء في ظل الإضراب، و قد سبق ذلك الاعتداء الوحشي على عائلة حجاب بأكملها و إصابة الوالد و الابن بجراح صعبة للغاية والابنة بأكثر من ٢٠ شظية أيضا نتمنى لهم الشفاء و محاسبة الفاعلين.
إن نقابة المحامين العتيدة تأخذ دورا من أدوار المجلس التشريعي وتواجه بكل قوتها فرض القوانين على المواطنين، وتأخذ الدعم من باقي النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني لتصبح مجلس تشريعي مصغر لحين إجراء الانتخابات.
إننا في أمس الحاجة لانتخابات عامة تنهي هذه الحالة من الفساد الإداري والمحسوبية والتوظيف بالواسطة لعدم وجود الرقابة التشريعية، وكذلك متابعة القضايا المختلفة للمواطنين من الغلاء في الأسعار والحالة الاقتصادية المتردية، وغياب القانون وغيره الكثير.
السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية يجب الفصل بينها وإعطاء الحقوق وفرض الواجبات على كل منها، ولا ننسى السلطة الرابعة وهي الصحافة والإعلام ودورها، وهذا الأمر لا يتسنى إلا بانتخابات حرة ونزيهة وعلى كافة المستويات.