وسام عفيفه
من يسقط في دوامة الإجراءات والقرارات والمراجعات والتعليمات الحكومية كان الله في عونه.
فقد يلف "كعب داير" وفي النهاية لا يناله سوى فتح جيوبه للطلبات والدمغات والرسوم وعليه أن يجهز الشيكل قبل الألف لأن الوزارة "مش فاضية" تبحث عن "فكة".
على سبيل المثال إذا اضطر المواطن أن يرخص سيارته في ترخيص الشمال فعليه أن يكون خبيرا في أنواع التراخيص والقوانين, من زمن الاحتلال مرورا بسلطة فتح وصولا لحكومة حماس.
وعليه أن يحصل على دورة في المصطلحات والعمليات "السمكرية" والقانونية المتغيرة والثابتة, بداية من "بصمة الشاصي "ورقم الموتور – دق البصمة – نبذة عن تاريخ ترخيص البودي – التزوير الشرعي والتزوير الحرام, إلى آخره من الملفات التي ان جهلها المراجع فقد يخسر مئات الدولارات والإجراءات لا تحمي الجاهلين.
وتمثل السيارات "البودي" او "المسروقة" احد رموز السيادة لكل حقبة من الإدارات التي مرت على قطاع غزة.
في زمن الاحتلال كان اقتناء السيارة المسروقة يؤدي بصاحبها لقضية جنائية وأمنية يدفع ثمنها من عمره.
وفي عهد سلطة فتح نفذت الحكومة حسما جزئيا للقضية وابتكرت مصطلح سيارات "البودي" واصبح من ركب سيارة رمزها (م –ف) مقرب من السلطة وهكذا أصبح المسروق شرعيا بعدما دفع أصحاب السيارات مالا يحلل السيارة المسروقة حتى حصل على الرقم (10).
الحكومة الحالية مارست سيادتها "المواصلاتية" أيضا وقررت حسم ملف البودي والمسروق بالكامل وطالت الإجراءات سيارات رقم (10) واستخرجت رقما جديدا: (12) .وهكذا يمكن ان يبقى الملف مفتوحا لأية حكومة أو سلطة قادمة لتمارس سيادتها وتستخرج رقم (14) وبهذا تتحول أرقام لوحات السيارات البودي الى رموز لكود السيادة.
في كل الأحوال يتحمل المواطن ثمن تغيير الأرقام, وعمليات الحسم الإداري وإعادة ترتيب الأوراق. فالمواطن المسروقة سيارته خاسر, ومشتري "المسروق" ضحية, والمستفيد دائما السماسرة والتجار والجمارك ومحصلو رسوم الأرقام السيادية.
في مقر ترخيص الشمال يدور جدل مع المراجعين ومن ساقتهم الأقدار إلى "البودي" حول أصول السيارات بعد إعادة النظر في الرقم (12) لحل مشكلة سرقة المسروق , أو ترخيص المرخص ,وتبدو القصة مثل "فزورة", لو بحثنا عن حل لها سوف تصل بنا في النهاية للخواجة "شلومو" صاحب السيارة الأول الذي هرّب سيارته وقبض ثمنها من التأمين الإسرائيلي او سرقناها منه.
وفي هذه الحالة تسقط رموز وأرقام السيادة سواء(م-ف) أو (10) أو (12), والمستفيد في النهاية المستوطن وحرامي السيارات, أما المواطن فبدل أن يقود سيارته سوف يقوده غضبه إلى بائع السيارة, والحكومة والقرارات والإجراءات, وندخل مرة أخرى في دوامة "دوخيني يا لمونة"