من أجل أن يتمكن المواطن من ممارسة حقه في اختيار ممثليه عبر صندوق الانتخابات لا بد من تغييب المصلحة الخاصة، وتغليب المصلحة العامة، والقيام بكل ما يلزم من تسهيلات، وتذليل للعقبات لانطلاق قطار الانتخابات التي ستساهم بشكل كبير في تفكيك الأزمات المستعصية التي تعصف بالجميع، والتي ستعمل على حل الكثير من المعضلات التي تمنع التقدم نحو اللحاق بركب الحضارة والازدهار، فالمسئولية الوطنية، والأخلاقية، والسياسية هي بالأساس ملقاة على عاتق من يُمسك بزمام الأمور، والقادر على اصدار القرارات التي تمنح العملية زخماً أكبر للمضي في تنفيذها، والبدء في أولى مراحلها، فلا هروب من المسئولية، لأن الجميع يعرف الجهة المناط بها اصدار مثل هذه القرارات، لذلك فإن الشعب سيكون في كل المراحل هو المراقب، والأمين على حق من حقوقه القانونية، فهو قادر على قياس مدى الجدية لدى صانع القرار، ولديه القدرة في مراقبة الجهة المناط بها إنفاذ هذه القرارات.
فالانتخابات هي الطريق الوحيد في الوصول إلى المناصب التي وُجدت فقط من أجل الحفاظ على مصالح المواطنين، وهي الأنجح في تثبيت مبدأ التداول السلمي للسُلطة، فمن أجل ذلك الحق الذي كفلته كل القوانين، والنُظم، والدساتير في العالم يجب على كل القوى، والفصائل، ومؤسسات المجتمع المدني، حماية هذا الحق، فإن التباطؤ المقصود، والغير مُبرر في سير عجلة الانتخابات إلى الأمام، وعرقلة المُضي قدماً فيها بمثابة طعنة في خاصرة استمرار الحياة السياسية، وخيانة كبرى للشعب الذي طالما حلم بأن يقوده شخصيات وطنية، تعمل على انتشاله من حالة التيه، والتفرد التي أوصلته إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، وتعطيل مصالحه، إلى حالة صحية سليمة يكون فيها القانون هو سيد الموقف.
لذلك، من يسلب المواطن الحق في ممارسة الديمقراطية في وقتها القانوني، دون تأخير عبر الانتخابات التي تُجرى كل أربع سنوات، ويُعطل الحياة السياسية برمتها من خلال أكاذيب لا تنطلي على أحد، وحجج واهية لا تُقنع الصغير، واشتراطات مُسبقة لا قيمة لها، لا يؤتمن على أن يكون متربعاً أعلى هرم السُلطة لمدة قاربت على المؤبد، ولا أميناً على مصالح المواطنين، وعلى الجميع ممارسة الحق في العقاب عند بدء العملية الانتخابية التي ستُسهم في إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، وتعيد للقضية الفلسطينية تألقها عندما تتوحد الجهود التي تسعى إلى هدف كبير وهو الحفاظ على القضية، وعلى مصالح المواطنين، وعلى استمرارية انعقاد العملية الانتخابية بكل سهولة ويُسر دون معيقات، حتى بعد أن تُجرى الانتخابات وتفرز من وضع المواطنين فيهم الثقة لرعاية مصالحهم لا مناص من أن يحترمنا العالم مجبرين، لأن القرار واحد، والتوجه نحو خدمة القضية أيضاً واحد.
من جانب آخر ما زال الفساد الذي ترعاه السُلطة يزكم الأنوف، ويؤخر أي تقدم في مسار العملية الانتخابية، فقد باتت قطاعات كبيرة من السُلطة تخاف على مصالحها، وأن أي تقدم في هذا المسار سيهدد ما قاموا ببنائه منذ سنوات على حساب المواطن، وأن الحسابات الضيقة والفئوية ما زالت حتى اللحظة تسيطر على قيادة السُلطة، لذلك من الصعب أن يقوموا بدعم المسار الديمقراطي الذي من شأنه تحسين الأوضاع المأساوية، والذي أيضاً يسحب الذرائع من العديد من الدول الاقليمية التي تحفظ فقط اسطوانة مشروخة منذ زمن بأنها لا تجد جهة رسمية ممثِلة للشعب الفلسطيني تقوم بالتعامل معها، أو تقديم الدعم من خلالها، لذلك من الواجب على الكل الفلسطيني التحرك الجمعي باتجاه تحقيق آمال وطموحات شعبنا في تقرير مصيره، والسماح له بممارسة حقه الانتخابي عبر الضغط على المعطل لهذه العملية المتوقفة منذ سنوات، وفضح ممارساته اللاأخلاقية في تعطيل الحياة السياسية في فلسطين من أجل مكاسب شخصية بحتة.