تبدو السلطة الفلسطينية وقيادتها في موقف المُتفرج، أمام تغول جيش الاحتلال (الإسرائيلي) على مدن الضفة المحتلة، وآخرها اقتحام مدينة نابلس وقتل ثلاثة مواطنين من بينهم المطارد الشهيد إبراهيم النابلسي.
وتُرك النابلسي وهو قائد كتائب شهداء الأقصى بنابلس وحيدًا يشتبك مع جيش الاحتلال ليرتقي بعد ساعات في مكان على بعد أمتار عن مجمع مقرات أجهزة أمن السلطة، ما يعني أن الأخيرة شريكة في الجريمة من خلال تعاونها الأمني وعدم تحريكها أي ساكن في الوقت الذي يشهد الشارع الفلسطيني حالة غليان.
هذه الحالة باتت تشكل سخطًا شعبيًا وجماهيريًا على السلطة الفلسطينية وهو ما ينذر بثورة شعبية تهدد استقرارها وبقاءها، وفق تقدير (إسرائيلي) صدر عن صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية.
وحذرت الصحيفة العبرية من تداعيات تصاعد انتهاكات جيش الاحتلال في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، على استقرار السلطة، مضيفة "يتعاظم الاضطراب في الشارع الفلسطيني ضد السلطة ورئيسها محمود عباس، بعد موجة الاعتقالات وتصفية مقاومين فلسطينيين نفذها الجيش هذه الأيام في المناطق".
وذكرت أن "محافل فلسطينية" تؤكد أن "(إسرائيل) تقوم بالعمل القذر نيابة عن السلطة، وعباس يسمح لـ(إسرائيل) بحرية العمل في المدن الفلسطينية، وفي حال بالغت (إسرائيل) في أعمالها فقد ينشأ تمرد ضد عباس".
وأشارت إلى أن "نشر بيانات التنديد في أعقاب الاعتقالات أصبح في مكتب عباس عادة، وهذه تعد لدى الشعب الفلسطيني ضريبة لفظية عديمة القيمة"، منوهة أن العديد من الفلسطينيين يتهمون السلطة خاصة بعد اغتيال المقاوم إبراهيم النابلسي واثنين آخرين من رفاقه في نابلس، بأنها "تتعاون مع (إسرائيل)، وهكذا تعطي اليد لاستباحة الدم الفلسطيني".
وأضافت: "ومع أن مشاعر الجمهور ليست هي الأمر الأول الذي يقلق عباس، لكن أعمال (إسرائيل) المكثفة في مدن الضفة الغربية، من شأنها أن تدخل عباس في مشكلة".
وقدرت أن "عباس إذا ما قرر مواصلة الوقوف جانبًا فمن شأنه أن يخاطر بانتفاضة داخلية ضد حكمه".
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن ما يجري في الضفة الغربية من عمليات اغتيال واقتحامات ومصادرة الأراضي؛ يؤدي إلى تفاعل المقاومة بشكل أكبر مما يعني تهديدًا لبقاء السلطة التي لم يعد أداؤها يرضي أي طفل من الشعب الفلسطيني.
ويوضح الصواف في حديثه لـ "الرسالة" أن هناك حديثا أن ما يجري في الضفة يتم من خلال تنسيق تام وتعاون مع أفراد السلطة الفلسطينية، وأبلغ دليل على ذلك هو اقتحام نابلس واغتيال الشهيد النابلسي ورفاقه.
ويبين أن كل ما سبق يعطي دلالة واضحة على أن السلطة في حالة من الانهيار ليس فقط بسبب التنسيق الأمني ولكن من خلال انعكاسات هذا التعاون على الجماهير الفلسطينية التي أصبحت غير راضية عما يحدث.
ويشير إلى أن أبناء حركة فتح اليوم باتوا أكثر انتقادا لأداء السلطة ويطالبونها بالالتحاق بالمقاومة، مشددًا على أن السلطة أمامها خيارين إما العودة لتكون جزءًا من الشعب وتدعم مقاومته أو استمرار تعاونها مع الاحتلال وهو ما يؤدي لحالة من عدم استقرارها وينذر بتفاعل جماهيري كبير ضدها ومعاداتها بشكل أوسع واعتبارها جزءًا من الاحتلال.
ويعتقد الكاتب والمختص بالشأن (الإسرائيلي) أيمن الرفاتي أن هناك انزعاجًا لدى السلطة ورسالة اعتراض من المنسقين بين السلطة والاحتلال بأن عمليات الاقتحامات تساهم في تدني شعبية السلطة بشكل كبير وهو ما أظهرته الاستطلاعات الأخيرة التي كشفت تراجع تأييد السلطة.
ويضيف الرفاتي في حديثه لـ "الرسالة" أن السلطة باتت تنظر بعين الخطورة لما يجري مؤخرًا بالضفة، لا سيما وأنه يؤدي إلى تراجع دورها على حساب زيادة الشعبية والتأييد لخصومها الذين يتبنون خيار مقاومة الاحتلال.
ويوضح أن السلطة تجد نفسها مكبلة؛ بسبب الضغط الشعبي عليها، لذلك تريد حالة من الهدوء لتنفيذ ملاحقات للمقاومين دون أن يخلق هذا الدور رد فعل ضدها.
ويلفت إلى أنها تحاول استغلال التصريحات التي تطالب بتقويتها من أجل القيام بدورها الأمني في الضفة.