في ضوء ما نشرته مؤسسة الرسالة للإعلام حول تحقيق "الوريث"، وعلى غرار براعته في لعبة الدومينو التي كان يتقنها ايام كان يعمل موظفاً صغيراً في وظيفة ألحقه بها الشهيد الراحل ابو يوسف النجار في وزارة مالية قطر في بواكير ستينات القرن الماضي ، حرص محمود عباس مبكراً على الانقلاب على نفسه وعلى مبادئ فتح الاساسية التي سيّدته ليُشهر حربه ضد المقاومة والمقاومين وتقديسه للتنسيق الامني مع الاحتلال وارتماءه في حضن شارون والإدارة الامريكية في أعقاب خلافه مع الراحل عرفات وفشل محاولاته الاستئثار باخطر المواقع الامنية والسياسية ليعلن اعتزاله التام للعمل السياسي ؛ ليتضح بعدها انه فعل ذلك كخدعة يتحفز من خلالها لاقتناص الفرصة الممنهجة التي غيّبت الراحل ياسر عرفات مسموماً بفعل فاعليْن اثنين من بين حجارة دومينو المقبور شارون -التي كان هو ومحمد دحلان أبرز شخوصها- فاختار لنفسه من بين أبرز محظييه عدداً من حجارة (الدومينو) التي يسهل عليه تحريكها حيث وأنّى ومتى وكيفما يشاء ليشكل الفريق الذي اختاره ويحيط نفسه بهم .
فمنهم من استهوته شهوة المواقع المتقدمة في سوق النخاسة الأوسلوية التي أصدر عباس مراسيم ه التي تقضي بتوريثهم المواقع السبع القيادية الاولى في هرم السلطة فراحوا يسبحون بحمده بكرة وأصيلاً وما يزالون، كمحمود العالول وماجد فرج وحسين الشيخ وروحي فتوح وعزام الاحمق ورمزي خوري ومحمد اشتية وتُبّع آخرين يصطفّون خلف الباب؛
ومنهم من توجس عباس منه ريبةً وخشي انقضاضه عليه حياً أو ميتاً كمحمد دحلان الذي انسلخ عنه مبكراً ويجوب الاقاصي لخلافته؛ وتوفيق الطيراوي الذي يسن رماحه ويلملم كل قواه المنهكة لتكميم فمه ونهش لحمه حياً ويتهيأ لفصله من الحركة في نهاية هذا الاسبوع وتجريده من كافة مواقعه ؛ وجبريل الرجوب الذي شغله بالفيفا وأسفارها ؛ وناصر القدوة الذي فصله من الحركة ومن كل ما يتصل حتى بجغرافية فلسطين؛
ومنهم من كانوا ضحايا تآمره عليهم كمروان البرغوثي الذي يجد فيه خطراً داهماً يهدده ويهدد موقعه غير الشرعي الذي امتد منذ العام 2009 بعد ان بلغ به الكبر عتياً وبات يعيش في شبه حالة انفصام شيزوفراني اخذ معها يترنح يمنة ويسرة ويسعى تارة للعمل جاهداً باتجاه الحيلولة دون خروجه من الاسر ويصدر من القرارات ما يتم صنعه في اروقة الموساد الصهيوني الى درجة تم فيها ابطال صفقة تبادل الاسرى باصرار منه على شطب اسمه من القائمة التي كان يتصدرها اسمه بوساطة ألمانية.
ومنهم من لا حول له ولا قوة مكتفياً بطول سلامة كالقدومي وأحمد قريع ونصر يوسف وعباس زكي ،
وهكذا باتت الساحة التي تصول فيها سلطة محمود عباس وتجول ملاحقةً واعتقالاتٍ وتصفياتٍ لكل من وما هو مقاوم للاحتلال ومعارض لعباس ونهجه الكارثي مسرحاً للحروب المعلنة بين كل أطياف المنخرطين في اوسلو الاثم والجريمة على اختلاف الوانهم وتوجهاتهم التي تعنى بكل شيء الا فلسطين الارض والشعب والقضية، وباتت فتح الرهينة مقبلة على تمزق يحولها الى رهينة مختطفة بين براثن عباس وتحت أقدام حجارة الدومينو التي نصبها حاكمة بأمره عليها لكي تهيمن على تنظيم الضفة وتستهدف حصار غزة ومقاومتِها ، مجنداً قوات الامنية التي يناهز تعدادها الثلاثين الف رجل أمن، تتفنن في ملاحقات واعتقالات وتصفيات المقاومين من بنات وابناء شعبها كذراع ضاربة للاحتلال وساهرة على أمنه بدلاً من دورها المفترض في حماية شعبها من مداهمات الاحتلال لعقر دارهم ومذابحه اليومية بحق شعبهم، بينما هم منشغلون في الصراع حرصاً على مصالحهم ؛
فماجد فرح يتآمر على محمد دحلان… ومحمد دحلان يتآمر على محمود عباس، ومحمود عباس يتآمر على توفيق الطيراوي وكل من لف لفه والطيراوي يتآمر على حسين الشيخ، و الشيخ يتآمر على جبريل الرجوب والرجوب يتآمر على اخيه وابن امه وابيه وكلهم يتآمرون على فلسطين وغربان الكيان الصهيوني تتفرج على المشهد ؛
"وهكذا حسم "البيت الأبيض" و "إسرائيل" امرهما بتوريث حسين الشيخ والايعاز لعباس باصدار مراسيمه بتسميته أمينًا لسر اللجنة التنفيذية وبتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية توطئة لخلافته .، والمضي قدماً في تصفية القضية الفلسطينية .
وعلى الجانب الآخر من الصورة تمضي العين الساهرة في قطاع غزة المحاصر في البناء والإعداد لقوى الردع والمقاومة بشكل تراكمي يعد بالقدرة على تحويل مساحة الاحتلال الى جهنم تعجز كل وسائل غطرسته عن مواجهة صواريخه اللاهبة وقدرتها التراكمية كماً ونوعاً والقادرة على صنع أكثر من "سيف قدس" أخرى.
أمام هذا المشهد التراجيدي للوضع الفلسطيني الراهن بات ملحاً وممكناً ومتاحاً وعاجلاً ضرورة عقد "مؤتمر شعبي وطني" ينعقد ولو على ظهر سفينة في عرض البحر، بحيث يضم حكماء شعبنا وشخصياته الوطنية - وفصائله المقاومة صانعة سيف القدس ، تنبثق عنه "جبهة وطنية فلسطينية موحدة"، بحيث تفرز "قيادة انقاذ وطني" جماعية مؤقتة لا مكان فيها لغير حرّاس الوطن والشعب، تقود المرحلة الانتقالية التي تهيئ لانتخابات "مجلس وطني منتخب" يتولى عملية انبعاث تضع حداً لهذا التردي الخطير في الحالة الفلسطينية الراهنة ويستأصل السرطان الأوسلوي برمته ومن جذوره، ويعيد الاعتبار للثوابت الوطنية والقومية بإسقاط أوسلو وكل مخرجاتها وبالغاء الاعتراف بالكيان الصهيوني، والتصدي للهرولة والانخراط المحموم في التطبيع مع العدو والارتماء في أحضانه.، ويضع القواعد الاساسية للمرحة النضالية اللاحقة وصولاً الى النصر والتحرير.