يكره الاحتلال سلواد وأهلها بقدر محبتهم لإيلامه، القرية التي تسكن تلة شمال شرق رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، يقطنها 10 آلاف مقاوم، صامدين في أرضهم رغم التضييق.
الجغرافيا والتاريخ
تبلغ مساحة بلدة سلواد نحو 20 ألف دونم، لكن 5 آلاف دونم هي فقط ما يدخل ضمن المخطط الهيكلي للبلدة ويقع في نطاق صلاحيات بلدية سلواد، من أجل ممارسة النشاط العمراني والسكاني، وفق ما يؤكده رئيس البلدية رائد حامد.
واقتلع الاستيطان أجزاء كبيرة من أراضي البلدة، فأقيمت على أراضيها مستوطنة عوفرا عام 1975، وتبلغ مساحتها 800 دونم. واستولي الاحتلال على اجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية غرب سلواد والتي تحتوي على أثار قديمة لإقامة شارع 60 الالتفافي الاستيطاني والمربوط بنقطة عسكرية في المدخل الغربي للبلدة.
كما سيطر الاحتلال على تل العاصور، رابع أعلى قمة في جبال فلسطين الواقع على أراضي القرية، وأقام قاعدة عسكرية صهيونية على قمته، حيث تحتوي القاعدة على ثاني محطة للإنذار المبكر.
إلى جانب بؤرة عمونا الاستيطانية التي أقيمت في تسعينات القرن الماضي على أراض تعود ملكيتها لأهالي القرية، وقد أزيلت عام 2017، لكن ما زالت العائلات الفلسطينية ممنوعة من الوصول إلى الأراضي.
تسبب إجراءات الاحتلال بإغلاق طرق سلواد معاناة كبيرة لسكان القرية ، فطريقهم الرئيسية من سلواد إلى رام الله تستغرق 10 دقائق كي يقطعوا مسافة 11 كيلو متراً، لكن بإغلاق الطرق فإنهم يضطرون إلى السير في طرق بديلة يقدر طولها بـ 30 كيلو متر بمعدل ساعة من الوقت تقريبًا، وفق ما يوضحه رئيس بلدية سلواد.
تاريخ في المقاومة
سلواد من القرى التي لها تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال منذ ثورة عام 1936، حيث التحق فيها ابن القرية محمد عبد العزيز أبو رية، ضمن عصبة القسام، ثم أسس برفقة عبد الرزاق الدراوية فصيلًا سلواديًا مقاتلًا شارك في معارك القدس خلال حرب النكبة عام 1948.
وشهدت البلدة نشاطًا مقاومًا بعد احتلالها عام 1967، منها مجموعة زين الدين النجار التي نفذت عدة عمليات عسكرية.
وشهدت البلدة مواجهات مستمرة وعنيفة خلال الانتفاضة الأولى (1987-1993) واستشهد سبعة من أبنائها.
ولاحقا نشطت خلية سلواد التابعة لكتائب القسام خلال الانتفاضة الثانية بين فترتي (نيسان 2002- كانون الأول 2003)، وقد نفذت إحدى عشرة عملية إطلاق نار على مواقع جيش الاحتلال والمستوطنين في منطقة شرق رام الله، وأدت لمقتل وإصابة عشرات المستوطنين والجنود.
وتفخر سلواد بأن خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، وقائد كتائب القسام في الضفة الغربية الأسير إبراهيم حامد من أبنائها، كما لا تزال تقدم من أبناءها شهداء وجرحى وأسرى.
وكان الشهيد المثقف والمقاوم باسل الأعرج قد قال فيها إن "سلواد بلد يحبها الله ورسوله والمؤمنون. ولا يكرهها إلا منافق".
شهادة عن سلواد
الأسير المحرر المبعد لغزة سعيد بشارات قال إن الأهمية التي اكتسبتها سلواد في مقاومتها للاحتلال، أنها تقع في منطقة بؤر استيطانية وفي منطقة استراتيجية للاحتلال والمسماة "بنيامين"، وفيها أكبر المستوطنات وأشهرها "شيلو".
وأضاف بشارات في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن سلواد كانت مركز قيادة للعمل الوطني والإسلامي والنضالي ضد الاحتلال، وبالتالي فإن موجة العمليات التي تقوم بها سلواد حاليا ليست أمرا طارئا على القرية، بل متجذرا فيها منذ عقود.
وأوضح أن سلواد لم تكن بعيدة عن موجة المقاومة الحالية، بل كانت في القلب منها، ودخولها في هذا التوقيت سيشجع قرى وبلدات أخرى على الدخول على خط المواجهة، التي قد تمتد حتى مدن وقرى جنوب الضفة.
وبيّن أن الاحتلال قلق جدا من سلواد، لأن دخولها بعد جنين ونابلس، يعني أنها باتت ظاهرة لا يمكن إيقافها، بل إنها آخذة في التوسع من حيث الفئات المشاركة، والبقعة الجغرافية، بما يصعب قدرة الاحتلال على السيطرة عليها، برغم حجم الاعتقالات والمداهمات في المنطقة.