تتعمد سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) -مع اقتراب موسم ما يسمى بالأعياد اليهودية- إفراغ ساحات المسجد الأقصى من المرابطين والنشطاء والمقدسيين الذي يتصدون للمستوطنين المتطرفين المقتحمين.
ويهدف الاحتلال من خلال هذه السياسة؛ تمرير مخطط "طوفان الاقتحامات" وتدنيسه بآلاف المستوطنين والمستوطنات للاحتفال بالأعياد اليهودية دون وجود أي مواجهة أو توتر يمكن أن يمتد لمناطق خارج القدس.
ووفق مخططات الاحتلال، تسعى جماعات الهيكل خلال 26 و27 من سبتمبر الجاري، بـما يسمى "رأس السنة العبرية"، إلى نفخ البوق عدة مرات في المسجد الأقصى المبارك.
ومنذ بداية العام الجاري، تشن سلطات الاحتلال حملة اعتقالات وإبعاد واسعة في صفوف المقدسيين، وبلغ عدد المبعدين عن المسجد الأقصى ما يزيد عن 700 مقدسي وهو الرقم الأعلى منذ سنوات.
وخلال العام 2020، رصد مركز معلومات وادي حلوة 375 قرار إبعاد، موزعة على النحو التالي: 315 عن المسجد الأقصى، 15 عن مدينة القدس، 33 عن البلدة القديمة، 4 عن الضفة الغربية و8 منع سفر، ومن بينهم 15 قاصرا، و66 أنثى.
ورصد المركز تضاعف أعداد المبعدين خلال العام 2021، الذي وصل لـ " 519 قرار إبعاد: 357 عن المسجد الأقصى، و110 عن القدس القديمة، و31 عن مدينة القدس، و11 منع دخول مدن الضفة الغربية.
وتراوحت فترات الإبعاد بين يومين إلى 6 أشهر، وفي معظم الحالات عدة أيام ثم تُجدد لعدة أشهر، وكان من بين المبعدين عن الأقصى رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى المبارك (الشيخ عكرمة صبري)، ونائب مدير الأوقاف الإسلامية (الشيخ ناجح بكيرات).
تحييد المرابطين
ويؤكد المختص في الشأن المقدسي الدكتور جمال عمرو أن تصعيد الاحتلال لهذه السياسة محاولة لإفراغ ساحات الأقصى والاستفراد بالمسجد المبارك وتسهيل عمليات الاقتحام التي تنوي الجماعات الصهيونية المتطرفة تنفيذها.
ويوضح عمرو في حديثه لـ "الرسالة" أن الاحتلال يدرك أن وجود المرابطين والمقدسيين يعني اشتعال المواجهة والتصدي لطوفان الاقتحامات التي ستنفذ تزامنا مع بدء الأعياد اليهودية لذلك اتخذ سياسة الإبعاد كخطوة استباقية لتمرير مخططاته.
ويبين أن حكومة الاحتلال تحاول الإثبات للمستوطنين أنها تعمل كل ما بوسعها لتمرير طوفان الاقتحامات بهدوء ودون مواجهة، لذلك شنت حملة إبعاد لـ 6 شهور ضد الشخصيات المقدسية والمرابطين.
ويشير عمرو إلى أن قرارات الإبعاد التي يسلمها الاحتلال للمقدسيين يدون فيها أنه إبعاد عن جبل الهيكل بدلا من المسجد الأقصى في تزوير واضح للتاريخ وكأن الأقصى أصبح هيكلهم المزعوم.
ويرى الباحث والمهتم بشؤون الأقصى محمد الجلاد، أن الاحتلال عبر صراعه الطويل أصبح لديه خبرة في الشخصيات التي تحرك وتؤثر في الشارع الفلسطيني، موضحا أن الاحتلال يعلم أن الشرارة التي تشعل الوضع وتشعل الميادين موجودة داخل المسجد الأقصى المبارك.
ويضيف الجلاد في حديثه لـ "الرسالة" أن قرارات إبعاد هذه الشخصيات تأتي قبل كل حدث وعيد وموسم من أجل تحييدهم وتمرير اقتحامات المستوطنين دون وجود أي ردات فعل توازي الحدث الذي يجري بالأقصى.
ويوضح أن الاحتلال يسعى منذ سنوات إلى حصر المعركة داخل جدران المسجد الأقصى والتعتيم عما يجري داخله بعيدا عن الساحات الفلسطينية الأخرى وحتى الدولية كما جرى في الانتفاضات والهبات السابقة.
ويلفت الجلاد إلى أن هذه سياسة فاشلة يحاول الاحتلال تمريرها في كل عام ولكنه سرعان ما يصطدم مع الفلسطيني والهبات الدفاعية عن الأقصى، التي عادة ما تتصاعد مع الأعياد والمواسم اليهودية التي يحاول الاحتلال فيها تدنيس الأقصى.