تسكب الأعياد الصهيونية التي انطلقت أمس في الكيان، الزيت على نار المواجهة وانفجار الأوضاع داخل المسجد الأقصى، تزامنا مع بدء ما يسمى طوفان الاقتحامات وتدنيس المستوطنين المتطرفين لباحات الأقصى.
ومنذ صباح أمس، يسود توتر شديد داخل المسجد الأقصى، مع بدء اقتحامات واسعة نفذها المستوطنون لباحاته بحماية من شرطة الاحتلال، تلبية لدعوات أطلقتها منظمات متطرفة بمناسبة "رأس السنة العبرية"، واكبتها مضايقات واعتداءات على المرابطين والمرابطات في "الأقصى" ومحطيه، واعتقال 4 منهم.
وفرضت شرطة الاحتلال حصارًا مشددًا على المسجد المبارك، وباحاته ومحيطه وكل الطرق التي تؤدي إليه، وحتى البوابات الداخلية له، فيما نصبت منذ ساعات الصباح الأولى حواجزَ عسكرية حول الأقصى وأسوار البلدة القديمة.
وتستغل المنظمات الصهيونية المتطرفة حجة الأعياد لتدنيس الأقصى وتنفيذ مخططاتها التهويدية بحقه، ومحاولة فرض أمر واقع جديد عبر أداء الصوات التلمودية والنفخ في البوق ومحاولة إدخال القرابين وغيرها من الطقوس الأخرى، بهدف استفزاز مشاعر المسلمين.
ويمكن القول إن سلوك الاحتلال في السماح للمستوطنين بتنفيذ طوفان الاقتحامات والاعتداء على المسجد الأقصى وتدنيسه وعلى المرابطين والمقدسيين فيه، يدفع باتجاه إمكانية اشتعال الأوضاع، لا سيما وأن معركة سيف القدس انطلقت لذات الأسباب، والسيف مازال مشرعا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن ما يجري داخل الأقصى خارج نطاق الوصف، لافتا إلى أن القضية تتعلّق بقلب الصراع الرئيسي مع الاحتلال وعنوانه.
ويوضح الغريب في حديثه لـ "الرسالة" أن الاعتداءات وتصاعد المخاطر ضد القدس يعني الاصطدام بجدار الحماية مجدَّداً، بعد أن نجحت المقاومة الفلسطينية، خلال معركة "سيف القدس"، في أيار/مايو 2021، في فرض معادلاتها، التي لن تقبل، في أي حال من الأحوال، كسرها أو التراجع عنها، أو حتى تغيير الواقع القائم للمسجد الأقصى.
ويبين أن ما يحدث يتطلب إدراك خطورة هذه المرحلة من كل الأطراف، ويفرض حالة حشد واسعة للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر كل أشكال العمل المقاوم من أجل مواجهة العدوان الصهيوني.
ويشير إلى أن استمرار توفير الغطاء الرسمي من حكومة الاحتلال للمستوطنين يضعها أمام خيارات صعبة ستدفع ثمنها أمام مواقف المقاومة المعلنة تجاه التحذير من المس بمكانة المسجد الأقصى وقدسيته.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أحمد رفيق عوض، مع سابقه في أن ما يجري يدفع باتجاه اشتعال الأوضاع في الأراضي الفلسطينية على اعتبار أن القدس هي البوصلة التي يتوحد حولها الفلسطينيون والمسلمون عامة.
ويضيف عوض في حديثه لـ "الرسالة" أن حكومة الاحتلال التي يقودها متطرفون مستوطنون وحركة دينية قومية تستغل فترة الأعياد وموسم الانتخابات من أجل اختطاف المدينة المقدسة، وتنفيذ مخططاهم بإقامة الهيكل المزعوم فيها.
ويبين أن قيادة الاحتلال تسمح بالعربدة والتطرف وانتهاك حرمة الأقصى في محاولة لإرضاء جمهور المستوطنين وكسب أصواتهم الانتخابية، بذريعة وجود أعياد صهيونية دون الاكتراث لمشاعر المسلمين.
ويشير إلى أن الاحتلال يعتقد أنه في الوقت الحالي الإقليم منشغل بالتطبيع معه والفلسطينيون منشغلين بأنفسهم ولن يتغير شيء، بينما ما يجري يزيد من تأجيج حالة الغليان والغضب في الشارع الفلسطيني تجاه الاحتلال والمستوطنين وقد يخلق ردات فعل غير مسبوقة.