وسام عفيفه
تنشغل مجالس "ودواوين" الرجال في أحاديث حول الفحولة وسبل دعمها وتطويرها, بينما يتطوع بعضهم في استعراض ميزات فحولته.
ورغم أن معظم ما يسرد مبالغا فيه إلا أن الأمر يدفع المغفلين إلى التقليد والبحث عن الوصفات الطبيعية والحبات السحرية, بهدف الوصول إلى مستويات متقدمة من الفحولة لكنهم يسقطون في الاختبارات لأنهم يبنون تفكيرهم على تصورات أسطورية مثل فارس بلا جواد، فارس مسلح بما هو أكثر جموحا وقوة من أي جواد.
وغالبا ما تتسم هذه الأحاديث بالخطورة على أشخاص آخرين، قد يصدقون مبالغات المتبجحين بفحولتهم المزعومة، فيشعرون بضآلة قدراتهم، وقد يصابون بالإحباط في حياتهم ، وخصوصا إذا كانت قدرة المتبجح على الإقناع بأنه خبير لا تلين له قناة.
ويعزو بعض فحول المحللين الظاهرة ,لان العرب لا يجدون لهم أي دور في خريطة العالم اليوم، فإنهم يكتفون بالتغني بفحولة وهمية لم يتبق منها إلا مستواها الجنسي الذي يتجلى في التوالد.
وللتعريف بهذا الوصف محل الجدل فان, الفحل: الذكر من كل حيوان، وجمعه أفحُل وفحول وفحولة وفِحال وفِحالة ورجل فحيل: فحل.. والفحيل: فحل الإبل إذا كان كريماً منجباً... وكبش فحيل: يشبه الفحل من الإبل في عظمه ونبله...
وهذا النوع من الأحاديث يتم تداولها في مجتمعاتنا العربية ، أكثر من المجتمعات الأخرى، كالمجتمعات الغربية ,إلا أنهم في دول العالم الأول استعاضوا عن الفحولة الجنسية بالفحولة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
محلل آخر للظاهرة يرى أن ( ثقافة الفحولة العربية ) هي ثقافة شعبية عربية رائجة في عصر الانحطاط العربي هذا، وهي نتاج حالة القمع الاجتماعي، او نتاج حالة القمع السياسي التي تجعلنا "خصيانا"، نحب أن نعوض عن فحولتنا السياسية المغتصبة بمثل هذه المبالغات الجنسية التي تنطوي على حد من تزوير الخيال، أكثر مما تنطوي على تزوير الواقع نفسه.
ما يجري في تونس والجزائر والعديد من العواصم العربية هو ردة فعل ضد ممارسة الأنظمة السياسية "لفحولتها القمعية" على شعوبها لسنوات طويلة.
الحكام وأنظمتهم الأمنية اعتقدوا انه نتيجة التخويف فقد أصيبت الشعوب ببرود وعجز دائم "وان كل محاولات "قطع الخوفة" لن تجدي نفعا, لكن يبدو أن المحظور قد وقع , وقد فشلت عمليات الاخصاء.
في المقابل تتبجح "إسرائيل" بفحولتها العسكرية والاستخبارية في المنطقة , والولايات المتحدة قلقة من تراجع هيمنة فحولتها على العالم , والصين تتباهى بفحولتها الاقتصادية, وإيران تصر على اكتمال فحولتها النووية, وتركيا تستعيد فحولة العثمانيين, والعرب يبحثون عن منتجات الحبات الزرقاء ليحافظوا على فحولتهم المهددة بفعل صراع الديكة في منطقتهم, التي قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة, والتسبب في برود دائم لن تزيل آثاره كل الوصفات السحرية الطبية أو العربية.