قائد الطوفان قائد الطوفان

الجريح بصبوص.. عاش شهيدا ثم جريحا وبقي أسيرا

باسل بصبوص
باسل بصبوص

الرسالة نت- مها شهوان

ليس سهلا أن تكون فلسطينيا حتى لو بالهوى، فأهل هذه الأرض المحتلة يتقبلون كل شيء.. الموت والحياة.. والحزن والفرح.. فيصنعون منها فرجا ويرسمون تفاصيل أيامهم مهما كانت قاسية أو يحاول الاحتلال تنغيصها.

كأن تعد الأم طعام الإفطار لأبنائها ويأتيها خبر استشهاد أحدهم تبكيه وتحتسبه عند الله شهيدا، وتعيش الألم والقهر وفي ذات الوقت، يطلبون منها "زغردي يام الشهيد" فتفعل، ويأتي المواسون لها من كل حدب وصوب.

هكذا جرت العادة في مثل تلك المواقف لتنفذه بتلقائية أم باسل بصبوص، من مخيم الجلزون، لكن كانت حكايتها مختلفة.

بعد وصول خبر استشهاد "باسل" وحين حلت ساعات المساء، جاء اتصال هاتفي من طبيب يعمل في مستشفى بالداخل المحتل يخبرهم أن "باسل" على قيد الحياة ومصاب، هنا لم تستوعب العائلة الأمر حتى تأكدوا منه.

تمكنت والدته من زيارته وهو يتلقى علاجه في المستشفى، استقبلها المهنئون بسلامته وطلبوا منها أن تزغرد لكنها رفضت قائلة "خالد وسلامة" استشهدا، وهما صديقا ابنها الجريح.

وأخبرت الحضور أن "باسل" سأل عن حال صديقه الشهيد "خالد دباس" فردت عليه "مصاب لكن في مستشفى ثانية"، فقد أخفت ما حدث خوفا على صحته.

ويوم الحادثة التي وقعت قبل أيام قليلة عاشت عائلة "بصبوص" الألم على حقيقته ولن يمحى من ذاكرتها. 
تقول والدته "احتسبت ابني شهيدا، وعشنا جو الشهادة، لكن في الليل اجا الخبر باسل في مستشفى عند الاحتلال عايش (..) باسل أخبر الطبيب باسمه ليطمئننا عليه".

وتابعت: "حفاظا على أمن الطبيب، أرسل الأخير شخصا من القدس ليخبرنا بما جرى، وأكدوا لنا أنه على قيد الحياة لكنه بالعمليات والارتباط (الإسرائيلي) أكد ذلك وتم التنسيق حتى زرناه".

بنظرات الخوف والقلق على مصير ابنها الذي عاشت معه ثلاث مراحل بطولية "الشهادة والإصابة والاعتقال، تتمنى لو حملته وطارت به من المستشفى، خاصة أن مصيرا قاسيا ومعروفا بانتظاره:  تحقيق مميت ثم الاعتقال.

ورغم قلقها على ابنها إلا أنها بقيت تردد بكل فخر ما تردده الأمهات الفلسطينيات "عشت يوم كامل وأنا أحمل لقب أم شهيد".

وقبل أن تعلم بوجود ابنها على قيد الحياة، عاشت النهار الكامل وهي أم شهيد بمعنويات عالية تبث الصبر للمحيطين بها وطيلة الوقت تحتسبه عند الله وتقول "زيه زي غيره، مش أحسن من الشباب اللي استشهدوا".

طيلة الوقت بقي الاحتلال يتلاعب بالعائلة ومصير ابنها، لكن الأم وعائلتها اعتادوا على تصرفات المحتل الاستفزازية، و كان ردهم " سواء عايش أو شهيد احتسبناه عند الله وهو كفيل به".

وتجدر الإشارة إلى أن إصابة بصبوص كانت في اليد والرجل اليسرى، وأجريت له عملية ويتواجد الان في مستشفى "شعاريه تصيدق"، ومن المقرر عقد جلسة تمديد التوقيف الخميس المقبل في محكمة الاحتلال في "عوفر".

وأصيب "باسل" واستشهد رفيقاه "خالد الدباس، وسلامة رأفت"، حين أطلقت قوات الاحتلال النار تجاه مركبة كانوا بداخلها في ضاحية التربية والتعليم قرب رام الله.

ويبدو أن حكاية بصبوص ليست الأولى، خاصة أن هناك المئات من عائلات الشبان المختطفة جثامينهم عاشوا تلك اللحظات "ما بين ابنك عايش ابنك شهيد"، وهدف الاحتلال من وراء ذلك كسر معنويات العائلات الفلسطينية لتعيش ألما يبقى محفورا في ذاكرتها.
 

البث المباشر