فضحت براعة وبطولة منفذ عملية حاجز شعفاط، هشاشة المنظومة الأمنية لدى جيش الاحتلال وكشفت جبن جنوده المدججين بأحدث الأسلحة، وعدم قدرتهم على المواجهة أمام منفذ يحمل سلاح بسيط وكثير من الجرأة وقوة الإرادة.
ورغم عمل الاحتلال طوال السنوات الماضية على كي وعي الفلسطيني وخلق نموذج مُدجن لا يؤمن سوى بالتسوية ويحارب فكرة المقاومة المسلحة، إلا أن عمليات الفترة الأخيرة أصبحت النموذج الذي يشكل مصدر قلق وحالة فريدة وملهمة للشباب الفلسطيني للرد على غطرسة الجرائم الصهيونية.
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية نقلا عن تحقيق أولي أجراه جيش الاحتلال، أن المنفذ تمكن من إطلاق ثماني رصاصات على الجنود الذين كانوا يقفون أمامه على بعد أمتار قليلة. بعد أن نزل من السيارة وسط الحاجز - دون أن يتمكن أحد من إطلاق النار عليه، ثم بدأ بالانسحاب مشياً على الأقدام سالماً باتجاه مخيم شعفاط القريب.
ويُظهر التحقيق بحسب يديعوت أيضًا، أن الهجوم كان أثناء تغيير المناوبة على الحاجز، هو وقت يعتبر نقطة ضعف تشغيلية في أي وقت وفي أي قطاع، وبالتالي يتطلب مزيدًا من اليقظة والغطاء.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أن عملية إطلاق النار التي نفذت عند حاجز شعفاط بالقدس المحتلة مساء السبت وأدت لمقتل مجندة (إسرائيلية) وإصابة جندي آخر بجراح خطيرة، جاءت بعد سلسلة من عمليات إطلاق نار في الآونة الأخيرة".
وعددت الصحيفة 15 عملية من أهم العمليات الفلسطينية التي وقعت في الأيام القليلة الماضية، ومنها يوم 4 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، عملية دهس استهدفت جنديا (إسرائيليا) في مفترق "عوفرا"، وبتاريخ الثاني من ذات الشهر عملية إطلاق نار نحو باص وسيارة (إسرائيلية) قرب مستوطنة "ألون موريه".
تعاظم الرد
ويرى الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي، أن الاحتلال ينظر إلى العمليات النوعية أنها خطيرة للغاية وتأتي في سياقات تعاظم الرد على سياساته، لاسيما وأن شكل هذا الفعل يؤدي لحالة تطور نوعي لدى الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ويشكل حالة من مراكمة التجربة من خلال المشاهدة وهو ما يخشاه الاحتلال ويتحدث عنه بشكل كبير.
ويؤكد الريماوي في حديثه لـ "الرسالة نت" أن الاحتلال يعتقد أن ما يجري في الضفة يأتي في سياقات متصاعدة وأشكال متنوعة كما جرى في هبة القدس وعمليات الطعن، فيما الموجة الآن يعتبرها نموذجا جديدا عبر آليات اشتباك وفعل منظم.
ويبين أن هذا موضوع يعتبره الاحتلال نوعية جديدة يصعب ملاحقتها والتعامل معها ويقدّر أنه سيأخذ فترة زمنية حتى يستطيع فهم وفك ألغاز هذا الشكل من العمل على الأرض.
ويشير الريماوي إلى أن الاحتلال سمح لما يعرف بظاهرة السلاح في الضفة لاعتقاده أنه سيكون نموذج لحرب أهلية في الضفة وتأجيج الصراعات العائلية، ولكنه لم يتعلم الدرس وتحول أغلب هذا السلاح للرد على جرائمه.
ويلفت إلى أن هناك عشرات الآلاف من قطع الأسلحة في الضفة والكثير منها ينحاز إلى المواجهة مع الاحتلال، مما سيشكل صعوبة في سيطرته على الضفة.
منتظم وممنهج
ويتعقد الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، أن ساحة الضفة تعيش حالة من العمل المقاوم الذي يختلف بشكل واضح عن سابقه خلال الأعوام الماضية.
ويضيف محيسن في حديثه لـ "الرسالة نت" أن العمل المقاوم أصبح يأخذ شكل الانتظام، وهو فعل ممتد ومدروس وممنهج مما ينم على أن هناك جهات تشرف عليه، وتسعى تلك الجهات لإنتاج بيئة بالضفة تسمح لتصاعد وتيرة العمليات بشكل تدريجي، يمكن أن يصل مستقبلا لحالة من الثورة وعمل متسع ومستهدف لنقاط التماس والمستوطنات المحيطة.
ويوضح أن عملية شعفاط الأخيرة مثّلت نموذجا ناجحا سيلقي بظلاله على المزاج العام بالضفة وحالة الالتفاف الجماهيري والثقة بمسار المقاومة المسلحة، ويفضح الاحتلال الذي بدى عاجز على مواجهة شخص يحمل قطعة سلاح بدائي ينفذ عملته وينسحب بكل ثقة وهدوء أمام عشرات الجنود المسلحين.
ويشير إلى أن الوليد الجديد بدأ يتمرد على الحالة الأمنية في ساحات الضفة أيضا ويشكل حالة استقواء متنامية في مدن عديدة كجنين ونابلس، خاصة أن الاحتلال يتحدث عن أكثر من ألف مسلح واقبال جديد من الشباب على الالتحاق بالعمل العسكري.