طفت قضية غاز غزة على السطح مجددا بعد الحرب الروسية الأوكرانية والنقص الحاد في الكميات التي تصل العالم وخصوصا أوروبا، وهو ما دفع بالأسعار للارتفاع.
ويقرصن الاحتلال ملف غاز غزة منذ سنوات طويلة، لكن تفاقم الأوضاع الاقتصادية بفعل عقد ونصف من الحصار دفع غزة لتحريك الملف والمطالبة بحقوقها من الغاز.
ولعل المشكلة الأبرز تتمثل في رفض السلطة متمثلة بصندوق الاستثمار الفلسطيني التصريح عن ملف الغاز ببحر غزة والكميات الموجودة به وحجم الاستثمارات التي تتم فيه، وهو ما يجعل الملف ضمن صندوق أسود لا يعلم عنه الفلسطينيون شيئا.
تفاصيل الاتفاقيات
وبالعودة لتاريخ ملف الغاز في بحر غزة، فإن اكتشاف الغاز قبالة سواحل غزة كان في العام 1999 وكان حقل مارين أول الحقول المكتشفة في منطقة شرق المتوسط.
ووفق المسح الجيولوجي وتأكيدات الخبراء فإن بحر غزة مليء بكميات الغاز والتي ستغير حال غزة إلى الأفضل في حال تم استخراجها.
اكتشف حقل "غزة مارين" في نهاية تسعينات القرن الماضي، قبل حقول الغاز المصرية و(الإسرائيلية المنهوبة)، وكان دافعا لدول حوض البحر المتوسط الشرقية لتكثيف عمليات التنقيب.
وفي عام 1999، منحت السلطة رخصة للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة السواحل الفلسطينية في قطاع غزة لمجموعة بريتش غاز، وشركائها شركة اتحاد المقاولين (CCC).
وتم منح حقوق الرخصة بموجب اتفاقية تم توقيعها في العام 1999 والمصادقة عليها من الرئيس الراحل ياسر عرفات، بين السلطة وائتلاف بقيادة شركة بريتش غاز بنسبة 90% وشركة اتحاد المقاولين.
ولعل الاتفاقية -التي سرعان ما انتهت بسبب الوضع الأمني وبدء انتفاضة الأقصى- كانت مجحفة بحق الفلسطينيين بعدما منحت لصندوق الاستثمار الفلسطيني "الجهة التي تمثل الفلسطينيين" 10% فقط من الأرباح، لتذهب الحصة الأكبر للشركات الاستثمارية.
وفي فبراير من العام 2021، وقّع صندوق الاستثمار وشركة اتحاد المقاولين للنفط والغاز، مذكرة تفاهم مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (Egas)، لتطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة.
لكن لم يتم العمل بهذه الاتفاقية حتى اللحظة، إذ تشترط (إسرائيل) وجود وسيط ثالث في عمليات استخراج الغاز وهو من يقع على عاتقه تنظيم الآليات بين السلطة ودولة الاحتلال، وفق ما ينص عليه بروتوكول باريس الاقتصادي.
فشل السلطة
وتجدر الإشارة إلى أن فلسطين عضو في منتدى شرق المتوسط الذي جرى تأسيسه عام 2019، وكانت تهدف من الانضمام لهذا المنتدى، التأكيد على حقوقها السيادية على مواردها الطبيعية، بما يشمل استخراجها وتطويرها والحفاظ عليها ضمن المعادلة الإقليمية والاكتشافات الأخيرة لحقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
وفشلت السلطة في تحقيق أهدافها المترتبة على انضمامها للمنتدى، في وقت تزداد المخاوف من عمليات قرصنة تتم على حقول الغاز قبالة سواحل غزة.
وحاليا، تهرول دول العالم وخصوصا أوروبا للحصول على الغاز، وهو ما دفع لمفاوضات جادة بين لبنان و(إسرائيل) بخصوص حقل كاريش، في وقت يأمل الفلسطينيون أن يستفيدوا من غازهم كما يفعل اللبنانيون.
ورغم حديث موقع "المونيتور" الأمريكي أن مصر نجحت في إقناع (إسرائيل) بالبدء في استخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة، بعد عدة أشهر من المحادثات الثنائية السرية، إلا أنه لا حديث رسميا عن أي تحركات في حقول الغاز قبالة غزة.
ويبتعد الحقل المكتشف مسافة 30 كيلومترا (19 ميلا) غرب ساحل غزة، في حين تشير التقديرات أنه يحتوي على أكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
وفي 13 سبتمبر الماضي، نظمت فصائل المقاومة الفلسطينية وقفة في ميناء غزة، ووضعت حجر الأساس لممر بحري يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، وافتتحت لوحة جدارية كتب عليها: "غازنا حقنا".
وتطالب الفصائل بالسماح للفلسطينيين بالاستفادة من موارد الغاز الخاصة بهم، وأكدت أنها لن تسمح لـ (إسرائيل) بسرقتها.
ولا يزال ملف الغاز الفلسطيني مجمدا في باطن البحر، دون أي معلومات رسمية عن استخراجه، وهو ما يزيد من مخاوف قرصنة (إسرائيلية) على حقول الغاز الفلسطينية.