المتابع للشأن السياسي الفلسطيني ويرصد مدى تأثير الفصائل في هذا المشهد، وخاصة فصائل المق١ومة، يستطيع أن يلاحظ أن هناك رؤية جديدة انبثقت من الوحدة الميدانية للفصائل، إلى وحدة مواقف سياسية، وهو توجه اعتمدته الفصائل لتوسيع دائرة تأثيرها السياسي، بعد حالة التراجع التي أصابت القضية الفلسطينية ، وتجاهل رئيس السلطة الفلسطينية لكل دعوات الإصلاح وتوحيد القرار الوطني، عبر تفعيل دور مجلس الأمناء العامون للفصائل، أو مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية المهترأة والمهمشة، إضافة لحالة العزلة التي تعيشها السلطة الفلسطينية ذاتها، بعد فشل مشروع التسوية، واستبداله بمشروع تقديم الخدمات الأمنية مقابل الامتيازات، إضافة لزيادة الاحتقان الشعبي بسبب سياسات السلطة، وتصاعد أعمال المقاومة في الضفة..
ولعل حماس الفصيل الأبرز الذي يظهر قدرة عالية على فتح آفاق جديدة في العلاقات القائمة مع الدول، أو السعي لتدشين علاقات مع دول جديدة لم تربط الحركة بها قبل ذلك علاقات سياسية، فقد أظهرت الحركة تميز في التعامل مع عدة ملفات في الآونة الأخيرة نذكر عدد منها
أولا .. ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية وما أبدته الحركة من ذكاء سياسي وحكمة وتقدير، لدور الجزائر والرئيس عبد المجيد تبون حيث ظهر ذلك جليا من خلال وفدها عال المستوى، وتعاطيها الإيجابي مع الجهود الجزائرية عكس ما انتهجته فتح والسلطة كما صرح القائد في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل حيث قال : " عزام الأحمد أفشل جهود الجزائر بشرط اشترطه الرئيس عباس "
ثانيا.. أثمرت جهود حماس السياسية والاتصالات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، الإفراج عن ممثل الحركة السابق في السعودية د. محمد الخضري ٨٢ عام وهي بادرة طيبة وأمل يبنى عليه في طريق إنهاء ملف المعتقلين الفلسطينيين في السعودية، وإعادة علاقات الحركة بالمملكة.
أخيرا .. إعادة الحركة لعلاقاتها مع الجمهورية العربية السورية الدولة الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني، وإحدى أهم دول الطوق التي تطل على فلسطين، التي لها أهمية استراتجية في محور المق١ومة الذي يرفض التطبيع مع الاحتلال " الإسرائيلي " رغم ما تتعرض له من عدوان بشكل شبه يومي بسبب مواقفها الرافضة للهيمنة الاحتلال والإدارة الأمريكية، وهذا يعتبر مكتسب جديد لحركة حماس، يوسع من أماكن تموضعها وتأثيرها في المنطقة كلاعب مهم.
مما سبق بالإضافة للعديد من الزيارات الدبلوماسية التي قامت بها الحركة لكل من قطر وتركيا والمغرب ولبنان وروسيا، كما أن هناك توجه معلن لإستعادة العلاقات مع الأردن والسعودية والإمارات، كل هذا يظهر بوضوح تنامي التأثير السياسي وتميز الأداء الدبلوماسي لحركة حماس، التي تمثل العمود الفقري لقوى المقاومة الفلسطينية، التي تواجه مشروع الاحتلال بتصعيد المواجهة اليوم في القدس والداخل والضفة وغزة، والأهم هو أن هذه الدول والحكومات تسقبلها بهذا التوصيف " حركة تحرر وطني " حسب ميثاق الحركة المنشور في العام ٢٠١٧، ترى في المواجهة مع الاحتلال السبيل الوحيد لتحرير فلسطين بدعم جهود الأمة وأحرار العالم المخلصين للحق الفلسطيني في وجه المشروع الاستعماري.