قائد الطوفان قائد الطوفان

لماذا عادت (إسرائيل) إلى سياسة الاغتيالات في الضفة؟

الرسالة نت-مها شهوان

بعدما فشل الاحتلال في إحكام قبضته على المجموعات الشبابية المقاومة في الضفة المحتلة لمنعهم من تنفيذ عمليات فدائية، لجأ إلى عدة أساليب كان أبرزها عمليات التسلُّل للوحدات الخاصة، وتنفيذ اغتيالات ضمن ما يعرَف بـ"سياسة جزّ العشب"، اعتقادًا منه أن ذلك يمكن أن يقضي على حالة المقاومة.

وما زالت المؤسسة الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال منشغلة بالعثور على طرق للتعامل مع ظاهرة الهجمات الفلسطينية التي سببت إرباكا لديها، خاصة وأن البيئة الفلسطينية تعتبر حاضنة للمقاومة طالما استمرت مسبباتها المتمثلة في مواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى.

وكشفت "عرين الأسود" وهن الاحتلال وفشله في فرض سيطرته على الضفة، حيث ينكل شباب العرين الثائر من حين لآخر بجنوده عبر تنفيذهم عمليات بطولية كما فعل الشهيد عدى التميمي الذي اقتحم حاجز شعفاط وقتل مجندين، ثم اختفى قرابة أسبوعين.

في المقابل أثار اغتيال الشهيد تامر الكيلاني ردود فعل غاضبة بسبب عودة سياسة الاغتيالات بعد توقفها لعقدين من الزمان.

ومع أن (إسرائيل) لم تعلن مسؤوليتها عن العملية التي جرت في نابلس قبل أيام، إلا أن بصمات الجريمة كانت واضحة، في ظل تكرار محاولات اغتيال الكيلاني خلال الأشهر الأخيرة.

يبدو جليا أن عودة سياسة الاغتيال مؤشر واضح على عجز (إسرائيل) وضعفها في محاصرة المقاومة أو الحد من دورها الفعال، وعرين الأسود على وجه التحديد.

وتجدر الإشارة إلى أن آخر عمليات الاغتيال التي نفذها الاحتلال في الضفة كانت ضد قائد كتائب شهداء الأقصى رائد الكرمي عام 2002، وقبلها أسامة جوابرة وأنور حمران في 2001.

*** الاغتيال بدل الاعتقال

وما يثبته شباب الضفة الثائر أنهم في حالة اشتباك مستمر مع العدو (الإسرائيلي)، بغض النظر عن انتمائهم السياسي فهم أعادوا الاعتبار لكرامة الشعب وبثوا روح المقاومة وروح الأمل بجيل كامل.

يقول المختص الأمني إبراهيم حبيب إن طبيعة تنظيم ونشاط عرين الأسود في نابلس أصبح واضحا بالنسبة للاحتلال، خاصة أنهم أرسلوا له رسائل عبر قيادات أمنية في السلطة بأنهم يعرفون طبيعتهم، فرد أسود العرين عليهم "لن نتوقف عن العمل المقاوم".

وأضاف حبيب "للرسالة نت":" الاحتلال يدرك أن شباب العرين هم أشخاص جهدهم ذاتي وعاطفي لا يرتبط بالفصائل وعملهم البطولي موجه تجاه مقاومة المحتل، لذا تعمل سلطات الاحتلال على ردعهم بالاغتيال دون الاعتقال ليكون ذلك رادعا لهم وفق منظورها".

ويشير إلى أن الاغتيال لن يجدي نفعا في ظل اندفاع الشباب الفلسطيني الثائر واحتضانه لعرين الأسود.

وشهدت الضفة المحتلة خروج مواطنيها عن بكرة أبيهم في حشد جماهيري كبير من مدنها لمؤازرة سكان نابلس المحاصرين، وهنا يعلق حبيب بالقول: "قوات الاحتلال تخشى من انتشار ظاهرة عرين الأسود في باقي مدن الضفة، وهناك مخاوف من أجهزة الأمن في الضفة من اشتعال انتفاضة شعبية ستكون ضربة قاضية للاحتلال".

وفي ذات السياق يقول ياسر مناع المختص في الشأن السياسي، إن عملية الاغتيال التي نفذتها (إسرائيل) بحق الكيلاني رسالة للمقاومين وخاصة شباب عرين الأسود بأنها ستصل لهم في كل مكان، لافتا إلى أن (إسرائيل) تتعامل مع مدينة نابلس بشكل مختلف عن مخيم جنين.

ويرى مناع أن (إسرائيل) لجأت لسياسة الاغتيال كونها استنفدت كل وسائلها لإنهاء "عرين الأسود" وسط إغراءات كثيرة ومنها ضمهم للأجهزة الأمنية الفلسطينية وتسليم سلاحهم مقابل العفو.

وذكر "للرسالة نت" أن سلطات الاحتلال عملت على ثلاثة مستويات للضغط على عرين الأسود والحد من نشاطها، الأول الضغط الداخلي ضدهم من خلال حصار جنين ونابلس لكن فشلوا بذلك، والثاني محاولة احتوائهم عبر الأجهزة الأمنية وفشل أيضا، فلجأت لسياسة الاغتيال.

**دلالة تصفية الكيلاني

وفي مقال كتبه يوآف ليمور في موقع (إسرائيل اليوم) جاء فيه أن تصفية الكيلاني تدل على أمور عدة:

الأول: (إسرائيل) قررت تغيير السياسة، بالعمل على تصفية المقاومين وليس فقط اعتقالهم، كما كان في الانتفاضة الثانية حيث عمل الاحتلال على اعتقال المطلوبين، كي ينتزع منهم معلومات في التحقيق.

الثاني: (إسرائيل) معنية بالامتناع عن إيقاع إصابات في أعمالها في مناطق الضفة الغربيةـ، لكن العدد الكبير في الإصابات الفلسطينية – بمن فيهم غير المشاركين – يقلق القيادة السياسية الأمنية، لأن كل شهيد سيسقط منهم معناه جنازات وخيام عزاء واحتمال دائم للثأر ومزيد من الاحتكاكات.

الأمر الثالث: (إسرائيل) تريد السماح للسلطة الفلسطينية استعادة الحوكمة في منطقة نابلس، بخلاف مخيم اللاجئين جنين، لإن نابلس قصة أخرى تماماً: عاصمة السامرة، ومركز اقتصادي ومدني، وإن سقوطه قد يصدح في كل المناطق ويهز استقرار السلطة.

ويقول ليمور: يبدو أن كل هذه (إلى جانب الرغبة في الامتناع عن حملة عسكرية واسعة في أيام الانتخابات) أدت إلى القرار بالعودة إلى الطريق القديم للتصفية المركزية.

البث المباشر