قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني(حشد) إنها تابعت باستهجان وقلق بالغين إصدار رئيس السلطة محمود عباس مرسومًا رئاسيًا يقضي بتشكيل ما سمي بـــ(المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية) وذلك برئاسته.
وأضافت الهيئة في بيان لها أن المادة الرابعة من المرسوم حددت المهام الموكلة للمجلس والتي تتمثل في مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية ومكوناتها، وحل الإشكاليات التي قد تنشأ بين الجهات والهيئات القضائية، وإعداد المذكرات التطويرية لعمل الهيئات القضائية، ودراسة المناقلات ما بين الجهات والهيئات القضائية، ومناقشة احتياجات الهيئات والجهات القضائية؛ فيما قررت المادة الخامسة منه إلغاء صريح لكل ما يتعارض مع أحكام المرسوم الرئاسي.
وأشارت إلى أن هذا المرسوم يأتي في إطار سلسلة المراسيم والقرارات بقوانين التي عكف الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تكثيف إصدارها في السنوات الأخيرة والتي وصل عددها الي قرابة ٤٠٠ قرار بقانون أخطرها التي تعلقت بحل المجلس التشريعي الفلسطيني ، إلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخاب المجلس الوطني ، وتلك المراسيم والمتعلقة بالشأن القضائي وغيره من الشؤون العامة.
وتابعت: "إلى جانب العشرات من المراسيم التي مست بمنظومة الحقوق الحريات والقرارات التي انتهكت حقوق الموظفين العموميين أو تلك التي عيٌن أو رقي بموجبها موظفين معيين بذاته إلى مناصب إدارية متقدمة في السلم الوظيفي للوظيفة العامة".
وأكدت أن المرسوم الرئاسي المنشئ للمجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، ومع كل ما قد يساق لتبريره من النواحي التنظيمية؛ فأنه بشكل جلي وواضح قد أهدر بشكل غير مسبوق استقلالية السلطة القضائية وجعلها رهينة في يد رئيس الدولة.
وأشارت إلى أن القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك القوانين المتعلقة والمنظمة للسلطة القضائية لم تأتي على إنشاء هذا المجلس الهجين، الذي يهدف لاستكمال تنفيذ سياسات تهدف لمزيد من تغول السلطة التنفيذية على ما تبقي من استقلال السلطة القضائية.
وشددت على أن الاستخفاف الرئاسي بالمنظومة الدستورية والقانونية والقضائية الفلسطينية بما في ذلك التجاهل الدائم لمبادئ وقواعد القانون الأساسي الفلسطيني وصل لدرجة لا يمكن قراءتها إلا في ضوء سياسية الاستحواذ والتفرد التي يديرها ويستفيد منها عباس.
وقالت: "الأمر الذي بات يشكل تهديد حقيقي وجدي على ما تبقي من النظام السياسي والدستوري الفلسطيني، فالتخبظ وغياب الاستراتيجية والضرب بسيادة القانون عرض الحائط، وغياب نهج المشاركة وتعزيز دور الفرد في ظل تغييب دور المؤسسة الفاعل وذات الاختصاص بات نهج واضح يؤسس لحكم شمولي ديكتاتوري لا ينسجم مع القوانين الفلسطينية ولا معايير حقوق الإنسان التي وقعت عليها فلسطين".
وحذرت من استمرار سيل القرارات بقانون والمراسيم الرئاسية التي لا تحمل أي ضرورة عاجلة بل على العكس تدمر النظام السياسي والدستوري الفلسطيني، وتلغي مبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية.
وأكدت دعمها لفكر إصلاح قطاع العدالة والقضاء الفلسطيني، والحاجة الماسة لذلك بما لا يمس باستقلالية السلطة القضائية.
وأشارت إلى أن أسلوب السلطة التنفيذية وقراراتها الراهنة هي انعكاس واضح وجلي لضمان هيمنة الرئيس و السلطة التنفيذية على مقاليد السلطة القضائية في ظل التغيب الحالي للسلطة التشريعية، فإنها تسجل وتطالب بما يلي:
وطالبت عباس بالكف عن إصدار القرارات بقانون ومراسيم رئاسية وخاصة التي تفتقر إلى الضرورة، وتشمل دعوتها الرئيس الفلسطيني لضرورة سحب وإلغاء المرسوم الرئاسي الأخير، وسحب كل القرارات السابقة التي تمس باستقلالية السلطة القضائية، بما في ذلك ووقف التدخلات في عمل السلطة القضائية والعمل على إعادة بناء وتوحيد مؤسسات النظام السياسي كأولوية وطنية وقانونية بما يضمن الفصل بين السلطات وسيادة القانون وعدم المس في استقلالية القضاء الفلسطيني.
وأهابت بالمجتمع الفلسطيني ولا سيما أعضاء السلطة القضائية الفلسطينية ونقباء وأعضاء مجالس النقابات المهنية وخاصة نقابة المحاميين الفلسطينيين والمنظمات الأهلية والحقوقية والشعبية والأحزاب والحركات الفلسطينية لضرورة التعبير عن رفضهم لهذا المرسوم، خاصة أنه جاء كغيره دون تشاور مع أحد وبما يخالف القانون الأساسي الفلسطيني.
ودعت المقرر الخاص المعنية باستقلال القضاة والمحامين لضرورة أخذ ما يلزم من إجراءات للضغط على السلطة التنفيذية الفلسطينية للتراجع عن هذا المرسوم وما سبقه من قرارات تمس استقلالية السلطة القضائية، بما يضمن استقلال السلطة القضائية الفلسطينية.
كما دعت للعمل على استعادة الحياة الديمقراطية والوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، من خلال إجراء الانتخابات الشاملة للمجلس الوطني والتشريعي والانتخابات الرئاسية وبما يمكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري والقانوني في اختيار ممثليهم في انتخابات عامة ونزيهة، بما يؤسس لنظام سياسي ديمقراطي تحترم فيه القيم الدستورية وتصان فيه الحقوق الحريات.
وطالبت بتعزيز دور المؤسسات الوطنية وعلي رأسها منظمة التحرير الفلسطينية بما يشكل رافعة واستنهاض لطاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة المخططات التي تستهدف وجودة وحقوقه الوطنية.