عندما نتحدث عن مدينة الخليل فنحن نقصد المدينة الكنعانية الأصيلة أرض الشَهد والكَرم والإباء، التي سكنها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، والمحافظة الأوسع من حيث المساحة الجغرافية والأكثر سكاناً من حيث الديمغرافية، والقوة الإقتصادية والوطنية الكبيرة التي كانت وما زالت تقدم لهذه القضية الفلسطينية بكل كرم وجود.
طالعتنا الخليل ومجاهدها البار الشهيد المشتبك محمد أكرم الجعبري ابن العشيرة الكريمة عشيرة الجعبري، بعملية بطولية نوعية ليلية أمس في المستوطنة الجاثمة على أرضها وأرض فلسطين، أولى أوكار الشر والاستيطان في الضفة مستوطنة كريات أربع أو قل "دولة كريات أربع" لما لها من ثقل في التأثير على الأحزاب في دولة الاحتلال وخاصة فيما يتعلق باعتداء المستوطنين على المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ومصادرة الأراضي والاعتداء على السكان بكافة الأشكال للتنغيص عليهم
وتعد عملية الخليل من أكثر العمليات نوعية في الفترة الأخيرة لعدة اعتبارات مهمة:-
١_ يظهر أن العملية جرى الترتيب لها بشكل مسبق، واختيار الهدف بعناية والمتمثل بأحد أبرز وجوه الاستيطان في المدينة ولدى الاحتلال، والمسؤول عن قتل عدد من شهداء شعبنا، بالإضافة لضلوعه المباشر بتنظيم مسيرات وتجمعات الاعتداء على الأقصى والحرم الابراهيمي وتدنيسهما.
٢_ تعد ترجمة فعلية لوعيد المقاومة بتدفيع الاحتلال ثمن الاعتداء على القدس والحرم الابراهيمي وجرائمه بحق شعبنا.
٣_ جاءت العملية في وقت شديد الحساسية لدى الاحتلال والمتمثل بقرب انعقاد الانتخابات العامة مما يعزز حالة التباين والخلاف داخل المجتمع المتشظي أصلاً.
٤_ يعتبر الوصول لداخل المستوطنة المحصنة "كريات أربع" ضربة أمنية قاصمة لقوات الاحتلال المستنفرة أصلا في الضفة، كما تذكر وسائل الإعلام عن وجود خمسة وعشرين كتيبة مستنفرة في عموم الضفة الغربية، معززة بوحدة مهام خاصة تتبع لشرطة الاحتلال "جدعون" ووحدة تتبع أمن الاحتلال تدعى " كيدون " وكل ذلك لإحباط العمل المقاوم ومع ذلك ينجح أبطال شعبنا في تجاوز كل ذلك ويسددون ضرباتهم بكل جرأة وتحدي لجيش الاحتلال ومنظومته الأمنية.
٥_ تأتي العملية بعد يوم من دعوات عرين الاسود في نابلس لتصاعد العمليات في عموم الضفة من كل الحالات العسكرية والعرائن المشكلة، وذلك تنفيذا لوصية القادة الشهداء وردا على جرائم الاحتلال في نابلس والقدس وعموم الضفة المنتفضة، وهي إعلان فعلي عن انطلاق كتيبة أسود الحق في الخليل التي يجري الحديث عنها.
٦_ العملية البطولية وحالة الاحتفاء الشعبي والفصائلي بها، تؤكد أن حالة المقاومة هي حالة وطنية جامعة لكل الشعب الفلسطيني، وهي مستمرة مثل الجذوة المستعرة، لا يمكن اطفائها أو القضاء عليها ما دام هناك رجل ممسك ببندقيته مطالبا بحقه المغتصب من محتل أرضه.
وفي سبيل تعزيز ذلك يقع على عاتق الشعب الفلسطيني اليوم حيث يتواجد في كل الدنيا عبئ كبير ومهمة مقدسة، وهي ضرورة دعم وإسناد هذه الثورة المشتعلة، بكل الوسائل التي تضمن استمرار وتطورها، وإسناد المدافعين عن هذا الحق المشروع والأصيل في دفاعهم عن النفس، ومقاومة الاحتلال الذي يعتدي على شعبنا، وهنا أتحدث عن دعم حقيقي وواضح شعبيا وإعلاميا وماليا وصولا لكل انواع الدعم والإسناد، بالنزول للشوارع كما حدث أمس في بروكسل وتنظيم التظاهرات المؤيدة والداعمة لرجال الداخل ومقاومتهم، بالحشد الإعلامي والجماهيري وبالتوعية المستمرة لنصرة هذه القضية العادلة.
كما المطلوب الآن من كل فلسطيني أصيل يعشق أرضه ويفخر بمقاوميه أن ينبذ كل دعوات الفرقة والتشرذم واعتقال المقاومين وزجهم في السجون الفلسطينية لأي سبب كان، فمكانهم الحقيقي هو في ساحات العز والفخار التي تشرف كل شعبنا.