المجازر أسلوب الاحتلال في تهجير الفلسطينيين عن قراهم

أرشيفية
أرشيفية

الرسالة نت- مها شهوان

منذ التخطيط لاحتلال الأراضي الفلسطينية من قبل (إسرائيل) لم تعمل فقط على سرقة الأراضي بل ارتكبت بشكل متعمد العشرات من المجازر الدموية التي راح ضحيتها مئات الفلسطينيين الذين بقوا يدافعون بشراسة عن أرضهم رغم سياسة التهجير القسري.

ووفق ما كشفته "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" عام 2013 فإن هناك 6 مقابر جماعية تضم مئات الرفات والهياكل العظمية لشهداء ومدنيين قُتلوا خلال عامي 1936 و1948؛ وذلك خلال أعمال ترميم كانت تقوم بها المؤسسة في مقبرة الكزخانة شمال مدينة يافا.

ومنذ بداية التخطيط لاحتلال فلسطين استعانت (إسرائيل) بعصابات الهاجاناه التي ارتكبت العشرات من المجازر ومنها مجزرة قرية ناصر الدين في طبريا بفلسطين حيث قتلت 50 فلسطينياً، وذلك عبر تنكرهم بلباس عربي ومن ثم بدأوا يطلقون النيران فور دخولهم على السكان الذين استقبلوهم اعتقادا منهم أنهم من جيش الإنقاذ.

ولجأ الكيان(الإسرائيلي) إلى سياسة المجازر حين أدرك أن حملات التهجير القسري غير كافية لاحتلال فلسطين، لذلك عمد إلى القيام بحملات مكثفة من المجازر والعنف والإرهاب، وفعلا كانت تلك المجازر سببا رئيساً لهجرة عرب فلسطين عن قراهم ومدنهم.

ويؤكد العديد من المؤرخين العسكريين أن عملية التهجير القسري للفلسطينيين قد تمت بشكل مبرمج ومخطط بهدف "تطهير" فلسطين من سكانها العرب.

ولم يكتف الاحتلال بالعمليات العسكرية بل ربطها بسياسة الحرب النفسية التي انتهجها منذ احتلال فلسطين، وبدأ بتسريب أخبار المجازر على نطاق محلي كي تزرع في نفوس السكان حالة من الهلع والذعر ليقوموا بإخلاء قراهم حفاظاً على أرواحهم ومتاعهم وأعراضهم.

مجازر أكتوبر

و أواخر تشرين الأول من عام 1948 انطلقت عملية حيرام في الجليل، وعلى مدار أيام احتلت القوات الصهيونية عشرات القرى الفلسطينية، مسحت معظمها من الوجود، هجرت الآلاف الفلسطينيين وقتلت المئات بدم بارد ولا يزال الفلسطينيون في الجليل يذكرون ضحايا مجزرة عيلبون، ترشيحا، سعسع، مجد الكروم وغيرها الكثير من المجازر.

هذه المجازر والفظائع كانت مسبباً أساسياً لهجرة الفلسطينيين وفي ظهور قضية العودة إلى السطح وبداية فصل جديد من حكاية الشعب الفلسطيني ولكن هذه المرة في الشتات، كما كانت بداية فصل جديد لآلاف الفلسطينيين الذين صمدوا في قراهم متحملين القتل والسجن والتضييق ولا يزالون حتى اليوم يضمدون جراجهم ويحاولون بناء هويتهم، ولا زالت أصداء صدمة النكبة وانفصالهم عن شعبهم تلاحظ حتى اليوم في وعي فلسطيني الداخل وعلاقتهم مع "اسرائيل".

كما ويتزامن في التاسع والعشرين من أكتوبر الذكرى الـ 74 لمجزرة الدوايمة، وكانت شهادات صهاينة عن اعدامات واغتصابات، حتى وصف أحد الذي شاركوا في تنفيذ المجزرة ما شاهده بالقول:" لقد قتل نحو 80 إلى 100 عربي من الذكور والنساء والأطفال، وقتل الأطفال بتكسير رؤوسهم بالعصي، ولم يكن ثمة منزل بلا قتلى، وقد أمر أحد الضباط بوضع امرأتين عجوزين في بيت، وفجر البيت على رأسيهما ".

كما وأجبر جندي آخر، إحدى النساء على نقل الجثث ثم قتلها هي وطفلها، وآخرون أخذوا ثلاث فتيات في سيارتهم العسكرية ووجدن مقتولات في أحد أطراف القرية.

واستخدمت إحدى نساء القرية وعلى يديها طفل رضيع، في تنظيف المكان حيث كان الجنود يأكلون، وفي نهاية الأمر أطلقوا عليها النار وعلى طفلها الرضيع فقتلوهما، كما أطلقوا النار على طفل يرضع من صدر أمه فاخترقت الرصاصة رأسه وصدر أمه فقتلتهما والطفل يلثم الثدي، وبقايا الحليب تسيل على جانبي فمه.

وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية عام 2019، فإن فرق من وزارة الدفاع (الإسرائيلية) أزالت منذ أوائل العقد الماضي مجموعات من الوثائق التاريخية لإخفاء دليل النكبة والفظائع التي رافقتها، كما حاولت إخفاء شهادة من جنرالات حول قتل المدنيين وهدم القرى، أو طرد البدو خلال العقد الأول من قيام الدولة.

ويقول فلسطينيون إن المجموعات اليهودية المسلحة نفذت العديد من المجازر بالقرى الفلسطينية خلال حرب 1948 لإجبار سكانها على الرحيل.

وبحسب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (مقره بيروت)، فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الفترة بين 1937 و1948، زادت عن 75 مجزرة، راح ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلا عن إصابة الآلاف.

وقال المركز، في إحدى إصدارته لعام 2009، إن ذروة تلك المجازر كانت خلال الفترة الممتدة بين عامي 1947 - 1948، وهي الفترة المعروفة بالنكبة.

ويُطلق الفلسطينيون مصطلح "النكبة" على عملية تهجيرهم من أراضيهم على أيدي "عصابات صهيونية مسلحة" عام 1948، وهو نفس العام الذي أُعلن فيه قيام دولة (إسرائيل) على غالبية أراضي فلسطين التاريخية.

وعلى الرغم من أنه تم للدولة العبرية ما كانت تصبو إليه من إحلال اليهود القادمين من الخارج مكان الفلسطينيين فإن المذابح لاتزال تمارس وإن كانت بشكل أقل عن فترة الأربعينيات من القرن الماضي إذ هدف (الإسرائيليون) من وراء ذلك إلى تدمير البنى التحتية للفصائل الفلسطينية ولعل من أبرز النماذج على ذلك مذبحتي صبرا وشاتيلا ومخيم جنين، بالإضافة إلى إخافة وإرهاب الشعب الفلسطيني لوقف مقاومته ضد الاحتلال كما حدث في مجزرة الأقصى.

ورغم جرائم الاحتلال ومجازره لا يعترف الشعب الفلسطيني به ويصر على التمسك بأرضه رغم العدوان (الإسرائيلي) المتواصل عليها في غزة والضفة والقدس.

ومع كل محاولات القتل والتشريد ومجازر الإبادة الجماعية التي استخدمتها قوات الاحتلال بحق سكان المدن والقرى من الفلسطينيين، ومحاولات تشريدهم عن ديارهم آنذاك؛ إلاّ أنّ الشعب الفلسطيني صمد في وجه هذه الجرائم، ورفض الخنوع والخضوع لها، وبالتالي، فإنّ إخافة وإرهاب الشعب الفلسطيني لوقف مقاومته ضد الاحتلال فشلت بالكامل.

البث المباشر