لطالما مثلت الضفة الغربية الخاصرة الضعيفة لدولة الاحتلال، لذا يبدي دوما قلقه من أي عمل مقاوم يخرج من الضفة، ويعمل بكل قوته على إنهائه.
وبسبب الحالة الثورية في الضفة وعمليات المقاومة وما تشكله كتيبة جنين وعرين الأسود في نابلس، يضطر جيش الاحتلال لإعادة الانتشار وهو ما يكلفه الكثير.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال شهر سبتمبر الماضي شهدت الضفة المحتلة 833 عملا مقاوما؛ تنوعت بين إلقاء الحجارة والطعن أو محاولة الطعن والدعس بالسيارات وإطلاق النار وزرع أو إلقاء العبوات الناسفة.
استنزاف القدرات
وأكد المختص في الشأن (الإسرائيلي)، سعيد بشارات، أن جيش الاحتلال يعمل على إعادة انتشار ويستنزف ماليا وبشريا، واضطر للوصول إلى مناطق تمركز لم يكن يعطيها أي اهتمام في أوقات ماضية.
وقال بشارات في حديث لـ "الرسالة نت": "يحاول الاحتلال القضاء على الحالة الثورية، ولذلك نشر قرابة 25 كتيبة في مناطق الضفة وهو عدد غير مسبوق منذ سنوات طويلة".
وشدد على أن هذه الخطوات لن تنجح في القضاء على عمل المقاومة، "فأساس العمل هو فكرة وايمان الفلسطينيين في حقهم بالدفاع ضد استفزازات جيش الاحتلال".
كما أن العمل الفردي في كثير من العلميات يزيد من التعقيد ويجعل من انتشار الكتائب دون جدوى.
وفقا لتحليل سابق أجراه مركز الفكر (الإسرائيلي) مولاد عام 2017، ينشر جيش الاحتلال (الإسرائيلي) من 50% إلى 75% من قواته النشطة في الضفة الغربية، بينما يتعامل ثلثها فقط مع الدول العربية وإيران وحزب الله وغزة والتهديدات الخارجية الأخرى.
في حين أن 80% من القوات المنتشرة بالضفة للحفاظ على أمن المستوطنات، بينما 20% تعالج التهديدات الأمنية المتعلقة بالمقاومة.
في حين، كتب المختص في الشأن الأمني، رامي أبو زبيدة: "نجاح المقاومة بالضفة الغربية يتطلب منها الاعتماد على الانتشار والاختفاء وعلى اللسع في أماكن متفرقة حتى توصل الاحتلال إلى حالة من الإجهاد والنزيف على امتداد جغرافية الضفة".
وقال أبو زبيدة في مقال له: "فرضت عمليات المقاومة الأخيرة على الاحتلال أن يعيد انتشار قواته الأمنية في الضفة الغربية وحتى شرطة (إسرائيل) وحرس الحدود في القدس، وهو أكبر انتشار منذ سنوات طويلة".
وأوضح أن الحل الأمثل لإضعاف وحدات وقوات الاحتلال بالضفة ، هو أن توقع المقاومة العدو في "مصيدة التمركز والانتشار"، حيث تستطيع المقاومة بمجموعات صغيرة العدد مهاجمة المواقع والحواجز والبؤر الاستيطانية.
وأكد أنه من الضروري أن تعمل المقاومة على المهاجمة هنا وهناك فتكون عملياتها منتشرة، فالعدو يشعر أن مراكزه الصغيرة ضعيفة وفيها أعداد بسيطة، "فيفرغ المراكز الكبيرة من القوات ويعمل على توزيعها بشكل واسع على امتداد جغرافية الضفة؛ لأنه يشعر أنه لا يسيطر".
وأضاف: "الاحتلال عندما ينتشر يفقد القوة في كل مركز لوحده، ويكون أمامه أحد خيارين إما أن يجمع القوات في مراكز قليلة حتى تكون قوية، فيفقد السيطرة، أو ينشرها في كامل الضفة فيفقد القوة".
وأكد المختص في الشأن الأمني، أن المطلوب دعم كل جهد مقاوم بالضفة الغربية حتى تستطيع أن تلعب على إيقاع العدو في مشكلة فقدان القوة لصالح السيطرة أو فقدان السيطرة لصالح القوة.
وقال: "عندما ينشر الاحتلال القوات من مراكزه وقواعده الأساسية حتى يسيطر، فهنا المقاومة تستفيد نقطتين، الأولى: أن العدو حتى يسيطر يتحرك كثيراً، والتحرك يضعفه وهي نقطة ضعف القوات العسكرية، فتقوم بعمليات الكمائن والاغارة.
والنقطة الثانية، أن المراكز الأساسية والقواعد التي فيها السلاح والذخيرة أصبحت الأعداد فيها قليلة، فتستطيع أن تهاجمها.
ويجمع المسؤولون (الإسرائيليون) على أنّ الضفة الغربية تشكل خطراً وتحدياً كبيراً أمام الاحتلال، في ظل تزايد العمليات الفلسطينية، والإرادة الشعبية لمناهضة الاحتلال، والدعوات المستمرة إليها.