حول الثلاجة حيث يرقد الشهيد الفتى مهدي حشاش كقطعة لحم باردة، تركت وراءها أحلام الصبا، وأغلقت باب الشباب قبل أن يفتح، التف حوله فتيان من عمره، في داخلهم قاعدة واحدة يسيرون عليها الآن "لا بد أن تكون ندا" وهكذا كان فتيان نابلس ويحاولون.
مهدي هو الشهيد الرابع لعائلة الحشاش هذا العام وهو الآن حيث لا مقاومة ولا مواجهات ولا اقتحامات إلى جانب أقاربه الشهداء: بكر وعماد ووسيم، ثم مهدي، وقد حفر له قبر وينتظر دفنه اليوم عصرا في مقبرة مخيم بلاطة.
بدأت الأحداث في مدينة نابلس في تمام الساعة الواحدة ما بعد منتصف الليل، حيث اقتحمت ثلاثون دورية ومدرعة (إسرائيلية) المنطقة الشرقية لنابلس لحماية سيارة للمتطرفين وأخرى على متنها ثمانية من أعضاء الكنيست الفائزين في الانتخابات، في طريقهم لأداء صلواتهم إلى جانب ما يسمونه قبر يوسف، وفرضوا طوقا عسكريا على المدينة، واعتلوا أسطح البنايات.
وكعادة أهالي المدينة خرج عرينها وشبابها للتصدي للاقتحامات الاستفزازية، وبدأت الاشتباكات ما قبل الفجر على أكثر من محور واستمرت ساعتين من الزمن، وتركز أكثرها وأعنفها في منطقة مخيم بلاطة شرق المدينة وجنوب قبر يوسف حيث كان الهدف من دخول المدرعات.
خرجت المدرعات تاركة ستين إصابة إلى جانب الشهيد مهدي، الفتى الذي لم يتجاوز الخمسة عشر عاماً، انفجر رأسه برصاص الجنود، وأصيب إصابة بالغة وصل على إثرها إلى المستشفى شهيدا.
منذ عامين، وأعضاء من (الكنيست) يقتحمون قبر يوسف ويدخلون المدينة ليعيثوا فيها فسادا، كنوع من فرض السيادة واستعراض لشكل الحكومات التي تقود هؤلاء، يمين متطرف يعني مزيداً من القتل والتوتر والاعتداء والتوسع الاستيطاني.
لم ينته الأمر هنا، فالاحتلال أغلق المدينة وفرض عليها حصارا بعد تطور الأحداث ليلا، وكأنه يقول إن هناك حكومة جديدة في الطريق إليكم وقد بدأت في الحقيقة أول بشائرها بالأمس من خلال 28 مليون شيكل لمنظمة العاد لصالح مشاريع التوسعة الاستيطانية.
ولعل ما حدث في نابلس الليلة الماضية هو أول بشائر حكومة الاحتلال العنصرية، وشهيد فتي في نابلس توفي وحيدا وانتمى منذ نعومة أظافره إلى كتيبة نابلس مظهراً قدرات فاقت سنه كواحد بارز من الكوادر التي ترتقي وهي تحاول حتى اللحظة الأخيرة.
نعت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، اليوم الأربعاء، الشاب مهدي محمد حشاش الذي استشهد خلال اشتباكٍ بطولي مع قوات الاحتلال في محيط مخيم بلاطة شرق نابلس بالضفة المحتلة.
وشدّدت الشعبيّة على أنّ تصاعد عدوان الاحتلال على مخيمات ومدن الضفة المحتلة لن يثني شعبنا عن مقاومته، بل سيزيده إصرارًا على مواصلة مسيرة النضال حتى تحقيق كامل أهدافه الوطنيّة.
واعتبرت أنّ التصدي البطولي الذي يجسّده شعبنا يوميًا في الضفة يؤكّد على أنّه ماضٍ في صد العدوان ومقاومة الاحتلال بكل ما أوتي من قوّة وإمكاناتٍ.