تعيد عملية سلفيت البطولية اليوم؛ للحرب نيرانها بعدما كادت أن تضع بنظر المتآمرين أوزارها؟!، في ظل المحاولات الحثيثة لإنهاء الحالات العسكرية المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، تحديدا في ضوء ما سرّب عن محاولات أمنية تشترك فيها السلطة والولايات المتحدة ودولة الكيان في القضاء على التشكيلات العسكرية الناشئة في الضفة.
المحاولات التي تضمنّت اغراءات مالية عبر وفود أمنية أمريكية لنابلس على سبيل المثال، لقاء أن تحلّ مجموعة عرين الأسود، وهي ذات العروض التي طرحت في جنين؛ لكنها جميعها تصطدم اليوم بذئاب جديدة تثقل كاهل نتنياهو وتفرض الضفة على طاولته بنار وحديد!
وتشكل عملية سلفيت التي نفذها الشهيد محمد صوف ضربة جديدة لأجهزة أمن الاحتلال التي باتت تجد نفسها أمام حالة من الارتباك والعجز الواضح في التعامل مع حالة الثورة المتصاعدة وعمليات المقاومة في الضفة.
عملية سلفيت بكل ما أحدثته من ضربة قوية لأمن الاحتلال، تأتي بعد يوم واحد من قرار جيش الاحتلال، فصل ثلاثة من ضباطه، بسبب الفشل في التعامل مع العملية البطولية التي نفذها الشهيد عدي التميمي على حاجز شعفاط العسكري بمدينة القدس المحتلة أكتوبر المنصرم.
وأصدر قائد ما يعرف "حرس الحدود" بجيش الاحتلال أمير كوهين، قراراً بالفصل النهائي بحق ثلاثة ضباط، في أعقاب الفشل بالتعامل مع منفذ عملية حاجز شعفاط بالقدس الشهيد عدي التميمي، والتي أسفرت عن مقتل مجندة وإصابة اثنين آخرين.
من هو الشهيد محمد صوف منفذ عملية سلفيت؟
شهوة المحتل صوب الضفة لزرعها بمزيد من البؤر الاستيطانية والتمدد الديمغرافي كانت واحدة من أهم الملفات الملقاة على طاولة "الملك"؛ لكنها اليوم تسكنّ بهاجس الخوف والهلع إزاء المقاومة التي تتصاعد بشتى أشكالها وألوانها، تبعا للمراقبين.
أطماع استيطانية!
د. محمد عودة الخبير في الشؤون الاستيطانية، وجدّ أن عملية سلفيت هي رد طبيعي على حالة التطرف القصوى في دولة الكيان والتي عكستها نتائج الانتخابات الأخيرة التي هي تعبير حقيقي ومباشر عن "دولة المستوطنين" التي نشأت في الضفة والقدس، وما أفرزته طيلة السنوات الماضية من تأثير حقيقي على مؤسسات الجيش والحكومة.
وأوضح عودة لـ"الرسالة نت" أنّ افرازات العملية الانتخابية تصورّ مشهد الحسم المطلوب في الاستيطان بالضفة تحديدا لصالح فكرة "الزحف الاستيطاني الناعم بالسكان، والحسم الديمغرافي فيها".
وبيّن أن المتغير الأخطر في هذه القضية يتمثل في رغبة المستوطنين إقامة "مليونية سكانية" بمستوطنة أرائيل كبرى مستوطنات الضفة، والتي نفذ فيها الشهيد محمد صوف عمليته صباح اليوم، "أي الوصول بشكل فعلي لوجود مليون مستوطن بها، وصولا لإقامة حاجز ديمغرافي يؤدي في المحصلة لضم الضفة بشكل نهائي للحكم الإسرائيلي".
وأكدّ عودة أن إسرائيل لم يعد بموسوعها التمدد الجغرافي لعدم وجود مساحات، وتركز اليوم على التعبئة الديمغرافية في المناطق التي استولت عليها، وهذا يعني تحويل كبرى البؤر الاستيطانية الى مدن واسعة تكافيء العدد السكاني للفلسطينيين بالضفة، وتفرض عبره واقع السيطرة، ما يعني مزيد من الإجراءات ضد الفلسطينيين ومزيد من الاحتكاك الذي يهدد بانفجار الضفة بالكامل.
المفاجأة المرعبة!
لكنّ أمام هذه الأوهام، يعصف العمل الفدائي المتصاعد بالوضع الأمني للاحتلال، في ظل اتهامات متزايدة بينهم بتراجع حالة الردع والمواجهة، وهي حالة تتراجع بفعل قوة الأداء الفلسطيني، وليس نتيجة لرغبة إسرائيلية، بحسب د. واصف عريقات الخبير في الشأن العسكري.
وأوضح عريقات لـ"الرسالة نت": أنّ العمليات تفرض نفسها كتحدي استراتيجي بالنسبة للمناطق الشمالية، التي أوشكت لوقت قريب بالخروج من سباق المواجهة.
وذكر أنّ الضفة تشهد نوع جديد من الانتفاضة تتمثل في موجات متوالية، و "هي بالمجمل أدخلت الاحتلال أمام استنزاف خطير لقواته، ووضعت نفسها كجبهة متقدمة في تغيير حساباته".
ثورة حقيقية!
بدوره، دعا أبو أحمد فؤاد نائب الأمين العام السابق للجبهة الشعبية، إلى ضرورة التحرك الفوري لحراك شعبي خارجي داعم لانتفاضة الضفة، قائلا: "ما يجري ثورة حقيقية في الضفة وعمل بطولي متميز".
وأكدّ فؤاد لـ"الرسالة نت" أن ما تعيشه الضفة منع الاحتلال من تحقيق أهدافه، ولقنّت العدو دروسا قاسية مفاده أنه لم يعد بإمكانه اجتياح المدن والمخيمات كما يريد وفي أي وقت يريد.
وذكر أن ما تعيشه الضفة "يسجل في بطولات التاريخ العربي، فهي بطولات تتعاظم يوما بعد يوم".
وأشار إلى أنّ المستوى التي وصلت إليه الضفة غير مسبوق، "تفرض ضرورة تحقيق وحدة سياسية وميدانية".
ودعا لتوحيد كافة الإمكانات الداخلية تحضيرًا للمواجهة القادمة مع العدو، ويستطيع شعبنا الاعتماد على مقاومته بكل ثقة".
من جهته، قال القيادي بحركة الجهاد الإسلامي محمد علّان إنّ الضفة المحتلة تشهد انتفاضة حقيقية، مشيرا إلى ضرورة توفير كل الأدوات لتطويرها.
وأضاف علّان لـ"الرسالة نت" أنّ هذه الانتفاضة هي توجيه البوصلة لوجهتها الحقيقية، وهي ثمرة للدماء التي نزفت طيلة الفترات الماضية.
وذكر أنّ الدماء لن تجرّ إلا دماءً وهذا ضامن أن تبقى الانتفاضة وتتمدد وألّا تتوقف.
وأوضح علّان أنّ المقاومة في الضفة تتعاظم مع تفاقم جرائم الاحتلال، و"تسلسل الأحداث سينذر بانفجار أكبر مما هو حاصل، وقد يدفع لاستعادة مشاهد كبيرة من بينها عودة العمليات الفدائية في كل مكان".
وأكدّ أن الشعب الفلسطيني مصرّ على انهاء حالة العدوان اليومية التي تمارس ضده.