كعادته، يحارب الاحتلال (الإسرائيلي) كل من يشد الرحال للمسجد الأقصى ويدافع عنه، فيكون مصيره إما الاعتقال أو الإبعاد المتجدد كما يفعل مع العشرات من أبناء القدس الذين يحرمهم الوصول حتى للطرقات المؤدية للأقصى.
اعتاد الخبير في الشؤون المقدسية، جمال عمرو وزوجته المرابطة زينة، الذهاب إلى إحدى مصاطب الأقصى كل ثلاثاء لإعطاء دروس حول المسجد ومعالمه وتاريخه، لمواطنين غالبيتهم من قرى وبلدات الداخل المحتل الذين يهرعون لنهل المزيد من المعلومات والرباط في مسجدهم.
أنهى عمرو ندوته التاريخية حول الأقصى، وكان يتربص له الجنود فاعتقلوه مع زوجته، في الوقت الذي كان عشرات المستوطنين المقتحمين للمسجد يؤدون صلوات تلمودية علنا.
وكانت زينة "أم رضوان" وثّقت عبر بث مباشر إحدى محاضرات زوجها الدورية حول المسجد الأقصى وتاريخه وحاضره، التي يستمع إليها المصلون تزامنا مع اقتحامات المستوطنين.
ويتعرض الزوجان المقدسيان مرارا للاعتقال والاعتداء والإبعاد عن المسجد الأقصى، على خلفية رباطهما ونشاطهما الدائم فيه.
هذه المرة، بعد تحقيق دام ساعات طويلة، تم تحويلها للمحكمة في اليوم الثاني من اعتقالهما، ووقتها طلبت شرطة الاحتلال تمديد اعتقالهما خمسة أيام أخرى بحجة استكمال التحقيق بتهمة التحريض ضد اقتحامات المسجد الأقصى المبارك وضد إجراءات الاحتلال فيه، وقيام دكتور جمال بتدريس ما زعموا أنه "تنظيم" المرابطات في الأقصى".
ووفق ادعائهم فإن تحريض الدكتور عمرو يفهم منه تأييد العمليات والشهداء بما قد يؤدي لمزيد منها قياسا على ما جرى في "أريئيل" تحديدا حين كان يعطي محاضرات في الأقصى كما ذكر ابنه "رضوان".
وأوضح أن المحكمة منحت مخابرات الاحتلال مهلة ٣ ساعات للاستئناف في المحكمة المركزية على قرار الإفراج -بشروط مشددة للغاية- عن والدته زينة عمرو، وبالتالي أصبح الإفراج عنها مرتبطا باستئناف المخابرات.
خرجت الأم منتصف الليلة الماضية إلا أن الاحتلال اشترط عليها الإبعاد ١٥ يوما عن الأقصى، ومنع استخدام وسائل التواصل مدة شهر، وكفالة ٥ آلاف شيقل تدفع منها ألف للمحكمة، مع عدم التواصل مع أطراف القضية، فيما ستعقد أول جلسة لمحاكمة الدكتور جمال اليوم صباحا في محكمة الصلح الاحتلالية في القدس.
** سياسة ممنهجة**
يعلق المقدسي ناصر هدمي على اعتقال المرابطين وحراس الأقصى بالقول إن هذه سياسة ممنهجة لدى سلطات الاحتلال كونها تدرك خطورة النشطاء المقدسيين على سياساتهم التهويدية وتوعية الفلسطينيين.
وذكر هدمي "للرسالة نت" أن الاحتلال لا يتحمل أو يتفهم وجود شخصية مقدسية تفضح ممارساته التهويدية في الأقصى، بل يلاحقهم ويبعدهم وينكل بهم، لافتا إلى أن الاحتلال يتعمد ملاحقة كل صوت مقدسي أو مرابط خاصة الشخصيات الاعتبارية لكتم أصواتهم.
ويرجع سبب لجوء الاحتلال إلى هذه السياسة إلى ظنه أنه يرهب الشارع المقدسي، لكن ما يجري عكس ذلك، حيث يواصل المقدسيون شد رحالهم للأقصى والدفاع عنه.
وفي ذات السياق علقت المرابطة عايدة الصيداوي المبعدة عن الأقصى على طريقة اعتقال زميلتها "زينة عمرو" وزوجها بأن هذه العائلة اصطفيت لتكون حارسة للأقصى وتبث حلقات العلم في المسجد وخارجه لتثبيت الناس للرباط في الأقصى، مشيرة إلى أن الاعتقال كان متوقعا كون هذه عادة الاحتلال في تصفية المرابطين.
وذكرت الصيداوي "للرسالة نت" أن تلك الممارسات لن تثني أهالي القدس عن دورهم في حماية المسجد، فهو عقيدتهم وعنوانهم وهم خط الدفاع الأول له، مؤكدة أن ما جرى مع عائلة "عمرو" اعتادوا عليه لذا لن يرهبهم شيء وسيعودان لممارسة دفاعهما عن الأقصى عند الإفراج عنهما.
وعبر صفحة الفيسبوك كتبت المرابطة المقدسية هنادي الحلواني، إن السيدة زينة عمرو قضت ليلتها في سجن الرملة وهو سيئ لمن لا يعرفه ومخصص للسجينات اليهوديات على خلفيات جنائية وأخلاقية وتعاطي المخدرات وغيرها، وتوضع فيه الفلسطينيات لمعاقبتهن.
وأشارت الحلواني إلى أن الدكتور جمال قضى ليلته الأولى من الاعتقال في سجن المسكوبية السيء السمعة أيضا فقط لأنه أعطى درسا في الأقصى، مبينة أن الصلاة في الأقصى أصبحت تهمة يعاقب عليها الاحتلال