يشغل قادة الاحتلال الإسرائيلي بالهم كثيرًا في البحث عن طرف لتحميله مسئولية العملية التفجيرية المزدوجة التي حدثت في القدس المحتلة صباح اليوم الأربعاء.
هذه التصريحات المتوالية من قبل قادة الاحتلال وإعلامه -الذي يتحرك بقرار من مؤسساته الأمنية- تأتي في ظل عدم المقدرة للوصول إلى حالة من الاستقرار السياسي والأمني للكيان الإسرائيلي للفشل حتى الآن في تشكيل حكومة جديدة أعقبت انتخابات خامسة للكنيست خلال وقت غير مسبوق وقصير جدًا في تاريخ الكيان الطارئ على بلادنا، وبالتوازي مع اشتعال جذوة المقاوومة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين سواء بشكل فردي أو من خلال عمليات منسقة تحت قيادة مجموعات عسكرية مناهضة للمحتل.
إن إساءة الوجه التي يتعرض لها المحتل هذه الأيام تدفعه للبحث عن طرف لتحميله مسئولية العملية والوقوف ورائها بغض النظر عن مكان وجوده في غزة أو الضفة والقدس وغيرهما، المهم عندهم إسكات غضب الجمهور الفاقد لأمنه بإلقاء "متهم" بين أيديهم تؤول تلك التفجيرات إليه، وبالتالي محاولة غرس الاطمئنان المفقود في نفسية مستوطني الاحتلال المتدهورة للغاية على وقع تصاعد عمليات الاستهداف والمقاومة الفردية والمنظمة في كافة الأراضي الفلسطينية.
المهم في المسألة أن قوات الاحتلال تحاول عبثًا ايجاد أمن مفقود مع أول عملية طععن أو دهس أو إطلاق نار حدثت، والمفترض عليهم -قادة الاحتلال- التوقف في بحثهم عن المنفذ لعملية القدس وقراءة الأسباب التي أدت لها ولغيرها من العمليات السابقة، فهم بهذه التحركات في المكان الخطأ على الراجح سيستقبلون أخبارًا عن عمليات أخرى أكثرُ قسوة من عملية القدس بدلًا من إيجاد منفذ عملية القدس.
واهم الاحتلال إن اعتقد أن الوصول لمنفذ عملية القدس سيوقف إعصار غضبة أهل الأرض الأصليين، فالمعادلة الطبيعية تقول أن الاحتلال يقابله مقاوومة ولن يكون مقابل الاحتلال رضوخ وسلام أو عيش بهدوء للمحتل.
إن عملية القدس تُعيد للذاكرة الفلسطينية الأحداث التي جرت في بداية العقد الماضي، والواضح أن هذه العملية على بساطتها مجرد بروفة صغيرة لتفجيرات قادمة في ظل عربدة اقتحامات أولى القبلتين واعتداء الجنود والمستوطنين في الخليل وسائر مدن الضفة الغربية والقدس، ففي الوقت الذي كانت طواقم الاحتلال تبحث عن أشلاء جنودها ومستوطنيها كانت الجماهير الفلسطينية تحمل على أكتافها الطفل أحمد شحادة الذي قضى برصاص الاحتلال الإسرائيلي في جنين الليلة الماضية.
صحيح أن ما يمتلكه الفلسطيني لا يمكن مقارنته بما يمتلكه الاحتلال الإسرائيلي من سلاح وعتاد ودعم قذر من دول وأنظمة عالمية، لكن ما يمتلكه الفلسطيني السلاح الأقوى ويتمثل في أنه صاحب البلاد وصاحب الأرض ولن يضيع حق ما دام صاحبه يقاتل في استرداده سواء بالسكين أو البندقية والصاروخ والمسيرة والمسلسل والعبوة المتفجرة، فكل أداة تؤدي إلى بلادنا وأوطاننا فهي مشروعة.
إن أقصر الطرق للمحتل في تحقيق الأمن لمستوطنيه تكمن في توفير ممر آمن لهم إلى بلادهم التي تركوها وجاؤوا إلى بلادنا محتلين وسارقين، وكل الطرق التي يسلكها قادة الاحتلال بعيدًا عن هذا المسار فلا أعتقد أنها ستحقق أمنا واستقرارا لهم في بلادنا في وقت تغيرت فيه نظرة الأجيال هذه الأيام عما مضى من سنوات الشتات والتيه الفلسطيني.